خبراء سياسيون لـ”الوئام”: نتنياهو أكثر المستفيدين من طول الحرب في غزة.. والسعودية تسعى لحقن الدماء

تقود المملكة العربية السعودية جهودًا متواصلة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، لا سيما مع استمرار الحرب المدمّرة لقرابة 3 أشهر مِن المواجهات الدامية بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس وفصائل فلسطينية.

وناقش الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله، وزير الخارجية، منتصف الأسبوع، خلال اتصال هاتفي تلقّاه من نظيره الأمريكي أنتوني بلينكن، القضايا الإقليمية والدولية، والتطوّرات في قطاع غزة ومحيطها، والجهود المبذولة للتعامُل مع تداعياتها الإنسانية الخطيرة.

اقرأ أيضًا: “الصحة” تعلن عن وظائف لخريجي البكالوريوس والماجستير

في وقت سابق من ديسمبر الجاري، أكّد الأمير فيصل بن فرحان خلال لقائه في واشنطن، الوزير بلينكن، على أهمية اتخاذ كل الخطوات العاجلة لوقف إطلاق النار في غزة وبذل الجهود الممكنة لخفض وتيرة التصعيد وضمان عدم اتّساع رقعة العنف، لتلافي تداعياته الخطيرة على الأمن والسلم الدوليين.

وشدَّد "بن فرحان" على ضرورة تهيئة الظروف لعودة الاستقرار واستعادة مسار السلام، بما يكفل حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة، وبذل مزيدٍ من الجهود لضمان تأمين الممرّات الإغاثية لإيصال المساعدات الإنسانية والغذائية والطبية العاجلة لقطاع غزة.

وبالتزامن مع الجهود الدبلوماسية السعودية المستمرّة، وصلت، الثلاثاء، طائرة الإغاثة السعودية الـ33، إلى مطار العريش الدولي في مصر، حيث سيتم نقل حمولتها بعد ذلك إلى المتضررين من الشعب الفلسطيني داخل قطاع غزة.

ويستمر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في تسيير الجسرين الجوي والبحري للمساعدات الغذائية والإيوائية والطبية وسيارات الإسعاف إلى غزة.

أسباب طول حرب غزة

يقول الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، إن "بنيامين نتنياهو أكثر الأشخاص تمسّكا بإطالة أمد المعركة في قطاع غزة، لأنّه يُدرك أنّه بمُجرّد انتهاء الحرب سيتم حصاره داخل بلاده، ومستقبله السياسي سيكون في موقف حرج إلى حدّ بعيد، وهو يستظل بالمواجهة ضد حركة حماس والفصائل الفلسطينية لأجل التغطية على أخطائه السياسية والاقتصادية وفشله في استرداد ما أسماه القدرة على الردع".

ويضيف أيمن الرقب، في حديث خاص لـ"الوئام"، أن "الحرب دائما تمحو الأخطاء، ويزيل الانتصار أي إخفاقات، لا سيما أن نتنياهو يدرك جيّدا أن استمرار الحرب في غزة سيتيح له الهروب من المساءلة عقب إخفاقاته في تقديرات بشأن هجمات 7 أكتوبر الماضي، وإخفاقاته في معالجة أزمات الجبهة الداخلية، لا سيما ما يتعلّق بالإصلاح القضائي وإشغال الأجهزة الأمنية والعسكرية".

السلام المرتقب.. والدور السعودي

يوضّح أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس أن "المملكة العربية السعودية صاحبة المبادرة في إحلال السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ودائما تتحدّث عن أهمية وضرورة حل الدولتين، كما أن المملكة تسعى جاهدة حاليا لوقف إطلاق النار بالمشاركة مع جهود عربية أخرى من قطر ومصر وأطراف دولية تُحاول الضغط لأجل بلورة حل يقود إلى هدنة دائمة في غزة التي أتت عليها آلة الحرب الإسرائيلية".

اقرأ أيضًا: دعم البنية التحتية وزيادة الكفاءة.. “صندوق الاستثمارات” يستثمر في “السعودية لهندسة الطيران” لتحويلها لشركة رائدة

ويتابع الرقب قائلًا إن "السعودية لديها جهود واضحة وملموسة؛ من بينها موقفها الثابت في قمة الرياض، وتشديدها على أن الحل العادل والشامل للقضية الفلسطينية سيكون هو الفيصل في إقرار السلام في الشرق الأوسط، وهي نقطة مفصلية ترتكز عليها الدبلوماسية السعودية في مشاوراتها الدولية والإقليمية بشأن حلحلة الأزمة الفلسطينية".

ويشدّد أيمن الرقب على "ضرورة وجود آليات دولية ملزمة بأن يكون الطرف الإسرائيلي المتحمّل الأول لتكلفة إعادة إعمار غزة بعد انتهاء الحرب، لأنّ الخسائر في البنية التحتية من المستشفيات والمدارس والطرق ومحطات الكهرباء والمياه تُقدَّر بمليارات الدولارات".

في السياق يقول الدكتور حامد فارس، الباحث المتخصّص في الشؤون العربية والدولية، إن "مساندة المملكة العربية السعودية نابعة من مساندة طويلة عبر عقود للحق الفلسطيني المسلوب، فالدعم السعودي لحقوق الفلسطينيين ليس وليد اللحظة، كما أنه أمر ثابت تاريخيا وميراث للأبناء تم تناقله عبر الأجيال، والرياض لم ولن تتخلّى عن مساندة القضية الفلسطينية تحت أي ظرف؛ فالدعم السياسي والمالي والمعنوي حق على كل عربي ومسلم تجاه المسجد الأقصى وتجاه منع تهجير الفلسطينيين رغما عنهم".

ويُضيف حامد فارس، في حديث خاص لموقع "الوئام"، أن "المملكة تُولي كل جهودها على أكثر من مسار، فهي تتبع طُرق الضغط السياسي دوليا والمسارات المشروعة لإرغام الاحتلال على الانصياع إلى رغبات الشرعية الدولية وتنفيذ إرادة السلام والتخلّي عن قيادة آلة الحرب والقتل المجنونة التي تسبّبت في استشهاد آلاف الفلسطينيين وجرح عشرات الآلاف أيضا، ومزيد من الخراب والدمار في قطاع غزة الذي بات يحتاج إلى عشرات المليارات من الدولارات لإعادة إعماره".

اقرأ أيضًا: بتوجيه ولي العهد.. وزير الدفاع يصل لندن في زيارة رسمية

ويختتم حامد فارس حديثه قائلا، إن "موقف المملكة واضح وساطع كنور الشمس في كبد السماء، وهو أنها ترفض أي حل لا يشمل إقامة الدولة الفلسطينية ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، وأن إدارة القطاع بعد انتهاء الحرب حق أصيل للسلطة الفلسطينية، وبالتالي فإنّ المملكة توجّه رسالة قوية أنها لا ترضى أي بديل أو التفاف على الحقوق الفلسطينية الثابتة التي لا جدال فيها".

الجهود الدبلوماسية

يقول الباحث في الشؤون الدولية عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، أحمد العناني، إن "آلة الحرب الإسرائيلية تزداد ضراوةً يوميا، ويزداد بطشها على الفلسطينيين العزّل وآلاف الجرحى، ويُستشهد مئات الأبرياء من الأطفال والنساء وكبار السن يوميا، بفعل حمم النيران والقنابل والصواريخ التي تصبّها عليهم القاذفات وتُطلقها المقاتلات ودانات المدافع الثقيلة، وبينما يعاني الفلسطينيون من ويلات الحرب، نجد أنهم شعب الأبطال والجبارين كما عهدناهم، يرفضون الاستسلام لعدو غاشم سلبهم أرضهم ويسلب حياتهم وأولادهم".

 

ويُضيف أحمد العناني، في حديث خاص لموقع "الوئام"، أن "الجهود الدبلوماسية والسياسية العربية، بقيادة السعودية ومصر وقطر والإمارات، لا تقلّ أهمية عن جهود الدعم الإغاثي والمساعدات التي تقدّم للفلسطينيين، وبالتالي هي أحد أوجه الدعم العربي المخلص للقضية الفلسطينية، ومساندة لا تقبل التشكيك، لا سيما في ظل مناخ عالمي محتقن، وحالة من الدعم الغربي المستميت لإسرائيل، عسكريا وماديا".

ويوضِّح العناني أن "الجهود المكوكية التي يبذلها رجال السياسة في المملكة، بتوجيهات من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وسلسلة من اللقاءات والاتصالات على مدار اليوم مع قادة وزعماء وصنَّاع القرار العالميين، في محاولات قوية لفرض هدنة جديدة في قطاع غزة، تنهي استهداف الجيش الإسرائيلي للفلسطينيين الآمنين، والعمل على فرض إرادة السلام حتى وإن كانت هناك أطراف دولية وإقليمية على رأسها إسرائيل تريد استمرار الحرب وقتل القضية الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين من أرضهم قسريًا، وهو ما ترفضه المملكة شكلاً ومضمونًا".