خبراء سياسيون لـ”الوئام”: نتنياهو أكثر المستفيدين من استمرار حرب غزة وخسائر إسرائيل فادحة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو

تقترب الحرب في غزة من شهرها الثالث، وسط احتدام القتال بين الجيش الإسرائيلي والفصائل الفلسطينية المسلحة داخل القطاع المحاصر.

وأدّى القصف الإسرائيلي الانتقامي، بآلاف القنابل برا وبحرا وجوا، إلى استشهاد أكثر من 20.258 شخصا في غزة، معظمهم من النساء والأطفال، وإصابة أكثر من 53 ألفا آخرين، بينما قال الجيش الإسرائيلي إن 9 جنود قُتلوا في القطاع، ليرتفع العدد المعلَن للقتلى في العمليات القتالية هناك إلى 152 منذ الاجتياح البري في 20 أكتوبر الماضي.

وعلى الصعيد السياسي، أجرى الرئيس الأمريكي جو بايدن، مطلع الأسبوع الجاري، مكالمة هاتفية استمرت لساعات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حضّه فيها على حماية المدنيين.

اقرأ أيضًا: “أرامكو”: فتح باب الترشح لعضوية مجلس الإدارة

من جانب آخر، أصدر مسؤولون إسرائيليون بيانا مقتضبا عن المكالمة، جاء فيه أن "رئيس الوزراء أوضح أن إسرائيل ستُواصل الحرب حتّى تحقّق جميع أهدافها".

أسباب طول حرب غزة

يقول الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، إن "بنيامين نتنياهو أكثر الأشخاص تمسّكا بإطالة أمد المعركة في قطاع غزة، لأنّه يُدرك أنّه بمُجرّد انتهاء الحرب سيتم حصاره داخل بلاده، ومستقبله السياسي سيكون في موقف حرج إلى حدّ بعيد، وهو يستظل بالمواجهة ضد حركة حماس والفصائل الفلسطينية لأجل التغطية على أخطائه السياسية والاقتصادية وفشله في استرداد ما أسماه القدرة على الردع".

ويضيف أيمن الرقب، في حديث خاص لـ"الوئام"، أن "الحرب دائما تمحو الأخطاء، ويزيل الانتصار أي إخفاقات، لا سيما أن نتنياهو يدرك جيّدا أن استمرار الحرب في غزة سيتيح له الهروب من المساءلة عقب إخفاقاته في تقديرات بشأن هجمات 7 أكتوبر الماضي، وإخفاقاته في معالجة أزمات الجبهة الداخلية، لا سيما ما يتعلّق بالإصلاح القضائي وإشغال الأجهزة الأمنية والعسكرية".

يقول الخبير في الشؤون الفلسطينية إبراهيم الدراوي، إن المستفيد من طل أمد تلك الحرب ليست إسرائيل، بل رئيس الحكومة فقط نتنياهو الذي يريد تنفيذ مخطط تطهير عرقي كامل ضد الشعب الفلسطيني.

اقرأ أيضًا: 135 ألف طفل رضيع في غزة فقدوا احتياجاتهم الغذائية

ويُضيف إبراهيم الدراوي، في حديثه الخاص لـ"الوئام"، أنه منذ بداية الحرب كان هناك خطة أمريكية إسرائيلية محكمة من أجل تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، ولكنها فشلت نتيجة الإصرار العربي والتمسك الفلسطيني بأرضهم.

وعن خسائر الجانب الإسرائيلي يُشير الخبير في الشؤون الفلسطينية إبراهيم الدراوي، إلى تصريحات الصحف المحلية في الداخل الإسرائيلي وبالأخص "هآرتس" التي كشفت عن مجمل خسائر فادحة في صفوف القوات منها 3850 قتيل، وإصابة أكثر من 7 ألاف، ووجود أكثر من 3000 إصابة بعاهات مستديمة.

وأشاد الدراوي، بتحركات المجموعة العربية برئاسة المملكة في مجلس الأمن وعدد من الدول الأوروبية وروسيا والصين، والتي حققت الكثير من أجل خدمة القضية الفلسطينية في هذا التوقيت الحرج، كما ساهمت في تغيير العديد من الدول عن رؤيتها في القضية، وهذا اتضح جليًا في خسارة إسرائيل دعم العديد من حلفائها، ما عدا واشنطن التي قللت من لهجتها الداعمة للحرب.

السلام المرتقب.. والدور السعودي

يوضّح أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس أن "المملكة العربية السعودية صاحبة المبادرة في إحلال السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ودائما تتحدّث عن أهمية وضرورة حل الدولتين، كما أن المملكة تسعى جاهدة حاليا لوقف إطلاق النار بالمشاركة مع جهود عربية أخرى من قطر ومصر وأطراف دولية تُحاول الضغط لأجل بلورة حل يقود إلى هدنة دائمة في غزة التي أتت عليها آلة الحرب الإسرائيلية".

ويتابع الرقب قائلًا إن "السعودية لديها جهود واضحة وملموسة؛ من بينها موقفها الثابت في قمة الرياض، وتشديدها على أن الحل العادل والشامل للقضية الفلسطينية سيكون هو الفيصل في إقرار السلام في الشرق الأوسط، وهي نقطة مفصلية ترتكز عليها الدبلوماسية السعودية في مشاوراتها الدولية والإقليمية بشأن حلحلة الأزمة الفلسطينية".

ويشدّد أيمن الرقب على "ضرورة وجود آليات دولية ملزمة بأن يكون الطرف الإسرائيلي المتحمّل الأول لتكلفة إعادة إعمار غزة بعد انتهاء الحرب، لأنّ الخسائر في البنية التحتية من المستشفيات والمدارس والطرق ومحطات الكهرباء والمياه تُقدَّر بمليارات الدولارات".

اقرأ أيضًا: الصحة العالمية: بدائل السكر خطيرة ولا تنقص الوزن

في السياق يقول الدكتور حامد فارس، الباحث المتخصّص في الشؤون العربية والدولية، إن "مساندة المملكة العربية السعودية نابعة من مساندة طويلة عبر عقود للحق الفلسطيني المسلوب، فالدعم السعودي لحقوق الفلسطينيين ليس وليد اللحظة، كما أنه أمر ثابت تاريخيا وميراث للأبناء تم تناقله عبر الأجيال، والرياض لم ولن تتخلّى عن مساندة القضية الفلسطينية تحت أي ظرف؛ فالدعم السياسي والمالي والمعنوي حق على كل عربي ومسلم تجاه المسجد الأقصى وتجاه منع تهجير الفلسطينيين رغما عنهم".

ويُضيف حامد فارس، في حديث خاص لموقع "الوئام"، أن "المملكة تُولي كل جهودها على أكثر من مسار، فهي تتبع طُرق الضغط السياسي دوليا والمسارات المشروعة لإرغام الاحتلال على الانصياع إلى رغبات الشرعية الدولية وتنفيذ إرادة السلام والتخلّي عن قيادة آلة الحرب والقتل المجنونة التي تسبّبت في استشهاد آلاف الفلسطينيين وجرح عشرات الآلاف أيضا، ومزيد من الخراب والدمار في قطاع غزة الذي بات يحتاج إلى عشرات المليارات من الدولارات لإعادة إعماره".

ويختتم حامد فارس حديثه قائلا، إن "موقف المملكة واضح وساطع كنور الشمس في كبد السماء، وهو أنها ترفض أي حل لا يشمل إقامة الدولة الفلسطينية ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، وأن إدارة القطاع بعد انتهاء الحرب حق أصيل للسلطة الفلسطينية، وبالتالي فإنّ المملكة توجّه رسالة قوية أنها لا ترضى أي بديل أو التفاف على الحقوق الفلسطينية الثابتة التي لا جدال فيها".

الجهود الدبلوماسية

يقول الباحث في الشؤون الدولية عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، أحمد العناني، إن "آلة الحرب الإسرائيلية تزداد ضراوةً يوميا، ويزداد بطشها على الفلسطينيين العزّل وآلاف الجرحى، ويُستشهد مئات الأبرياء من الأطفال والنساء وكبار السن يوميا، بفعل حمم النيران والقنابل والصواريخ التي تصبّها عليهم القاذفات وتُطلقها المقاتلات ودانات المدافع الثقيلة، وبينما يعاني الفلسطينيون من ويلات الحرب، نجد أنهم شعب الأبطال والجبارين كما عهدناهم، يرفضون الاستسلام لعدو غاشم سلبهم أرضهم ويسلب حياتهم وأولادهم".

ويُضيف أحمد العناني، في حديث خاص لموقع "الوئام"، أن "الجهود الدبلوماسية والسياسية العربية، بقيادة السعودية ومصر وقطر والإمارات، لا تقلّ أهمية عن جهود الدعم الإغاثي والمساعدات التي تقدّم للفلسطينيين، وبالتالي هي أحد أوجه الدعم العربي المخلص للقضية الفلسطينية، ومساندة لا تقبل التشكيك، لا سيما في ظل مناخ عالمي محتقن، وحالة من الدعم الغربي المستميت لإسرائيل، عسكريا وماديا".

اقرأ أيضًا: الأرصاد: هطول أمطار رعدية على الرياض وجازان وعسير والباحة والشرقية

ويوضِّح العناني أن "الجهود المكوكية التي يبذلها رجال السياسة في المملكة، بتوجيهات من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وسلسلة من اللقاءات والاتصالات على مدار اليوم مع قادة وزعماء وصنَّاع القرار العالميين، في محاولات قوية لفرض هدنة جديدة في قطاع غزة، تنهي استهداف الجيش الإسرائيلي للفلسطينيين الآمنين، والعمل على فرض إرادة السلام حتى وإن كانت هناك أطراف دولية وإقليمية على رأسها إسرائيل تريد استمرار الحرب وقتل القضية الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين من أرضهم قسريا، وهو ما ترفضه المملكة شكلا ومضمونا".