شوقية الأنصاري لـ”الوئام”: معارض الكتب مصدر جذب لأسر الأطفال الشغوفين بالقراءة لدعم مواهبهم

تُكرّس وزارة الثقافة وهيئة الأدب والنشر والترجمة جهودا مميّزة للاهتمام بأدب الطفل وتعزيز جهود القراءة لدى الأجيال الناشئة، ومِن بين الجهود المتواصلة ما شهدته فعاليات معرض جدة للكتاب 2023، في نسخته التي اختتمت فعالياتها منذ أيام.

ولقي جناح الطفل في معرض جدة إقبالا واسعا من الأطفال وأسرهم، الذين أبدوا تفاعلا كبيرا مع الفعاليات والأنشطة التي قُدِّمت على مدى أيام المعرض، ومزجت التعلُّم بالاستمتاع عبر ورش المسرح والدمى والأزياء والطهي والموسيقى وورشة صناعة القصص المصوَّرة وتقنية إيقاف الحركة، إلى جانب منطقة الكتابة، واللعب الحسّي.

الاهتمام بأدب الطفل

بشأن جهود المملكة في الاهتمام بأدب الطفل، تقول الكاتبة شوقية الأنصاري: "كثيرا ما تتشكّل قضية البدايات التاريخية لأي فن من الآداب والعلوم، ونال أدب الطفل نصيبه من جدل التأويل في فكرة انطلاقته مع موروثنا الشعبي، القصصي العربي (كليلة ودمنة، ألف ليلة وليلة) ومسرح الظل، وغيرها، إلى بدايات ظهوره في السعودية، ويُمكننا تقسيم بدايات الاهتمام به لـ4 مراحل؛ المرحلة الأولى اقترنت بظهور مجلة 'الروضة' عام 1369 للأديب طاهر زمخشري حتى احتجابها، والمرحلة الثانية بدأت عام 1383-1397هـ واقترنت ببداية ظهور صحيفة الطفل، كملحق من صفحة أو صفحات، ضمن الصحف الوطنية في أعدادها الصادرة من الدوريات اليومية كجريدة المدينة 'ملحق الجيل الجديد'، وجريدة البلاد 'أطفالنا'، وجريدة الأطفال 'البراعم'، والجزيرة 'صفحة الطفل'، وعكاظ 'حسن'، والمرحلة الثالثة بدأت بظهور مجلة 'حسن' التي ترأس تحريرها الأديب يعقوب إسحاق في 2-5-1397هـ وتوقفت عند العدد 178 بتاريخ 4-1-1401هـ".

 

وعن المرحلة الرابعة، تضيف: "بدأت عام 1398 حتى الوقت الراهن، ويقترن في أساسها ببداية نتاج المؤسسات الحكومية الوطنية والخاصة، واليوم، تمثّل الشراكات الحكومية بين وزارة الثقافة ووزارة التعليم مع العديد من الجهات الداعمة لإبداع الطفل تحوّلًا ملحوظًا في لغة الاهتمام بالطفل وأدب الطفل، من خلال المسابقات الثقافية المتنوّعة؛ بينها (المهارات الثقافية - تحدي الإلقاء للطفل - جيل الآداب - الإبداع الأدبي - مسابقة بابا طاهر - صوت القصيد)".

اقرأ أيضًا: تعاون بين “أرامكو الرقمية” و”إنتل” يهدف إلى إنشاء أول مركز لتطوير شبكات الوصول اللاسلكي المفتوحة في السعودية

وتوضّح الكاتبة: "من خلال دعم حاضنات دور النشر والترجمة الخاصة بالطفل، وتنظيم الملتقيات الأدبية التي جعلت لغة وفلسفة الطفل وإبداعه محورها، أستطيع القول إن بهذه الجهود الوطنية وضعنا النقطة الحاسمة لحراك أدب الطفل وثقافته، بدلالة تنوّع الإنتاج من ورقي ورقمي لمسرحي وسينمائي، ودعم منح أبحاث أدب الطفل، وتنظيم متنوّع للمهرجانات، واعتماد عدد من الجمعيات الأهلية غير الربحية لتكتمل الرسالة الوطنية في دعم ثقافة الطفل وآدابه، فهذا الثراء مؤشّر تحوّل وابتكار سعودي يرتقي بجيل الرؤية وهويته العربية".

معارض الكتب

عن إثراء المعرفة والثقافة والمعلومات لدى الأجيال الناشئة، تتابع الكاتبة شوقية الأنصاري، في حديث خاص لـ"الوئام": "من ظلمة الكهوف خرج فتية يحملون كتابا يشعّ جمالا بالحروف، بهذه الفلسفة والحكمة نلجم أفواه كل من تلفّظ يومًا وقال: 'أمّة اقرأ لا تقرأ'، فمن تحدي القراءة العربي برهان صوت الحقيقة نطق به لسان الملايين من أطفال العروبة، وهم يترجمون رحلتهم مع قراءة 50 كتابا بل تصل للمئة، وشارك بالموسم الماضي أكثر من مليون طفل سعودي، ونتساءل بعد هذا الرقم عن الخبرات التي انغمس بها الجيل مع القراءة، كيف تستديم وتستثمر لتحوّل جديد يدعم مواهبهم وإبداعهم".

وتُشير شوقية الأنصاري إلى أن "معارض الكتب تعد مصدر جذب لأسر الأطفال الشغوفين بالقراءة وتنويع الثقافة، وشهدت منصات التوقيع حضور الطفل الأديب المشارك بكتابه القصصي أو ديوانه الشعري، أو روايته الأدبية، أو دراسته العلمية ومقالاته المتنوّعة؛ فعلى مدى 4 أعوام خصّصت هيئة الأدب والنشر في معارض الكتب جناحا للطفل تجتمع فيه دور النشر الخاصة بأدب الطفل وثقافته، وتقام العديد من الورش والمسرحيات المعدّة لأجله، بل وتستضيف الطفل الأديب ليتحدّث عن تجربته في الكتابة الروائية، كما خُصِّصت عدة ندوات من ضمن برامج معارض الكتاب لاستضافة الخبراء والناشرين والمنتجين للحديث عن تجاربهم الناجحة، وسط تحديات العصر كتوظيف الذكاء الاصطناعي في أدب الطفل، وجذب أسرة الطفل أيضا لتتعرّف على الطريقة الأمثل لقراءة قصته، ودعم مواهبه في الرسم والكتابة الفنية، إلى جانب حضور اللعب والمسرح الجماهيري للحوار مباشرة من الطفل والحوار معه واستقطابه لعالم الفنون".

اقرأ أيضًا: “الموارد البشرية” تُطلق خدمة التأمين على عقود العمالة المنزلية

وتَذكُر المتحدّثة ذاتها: "هذا العام حظيت بدعوة من الطفل ميار حمد القحطاني، 10 أعوام، لتدشين كتابها "شقيقتي الغريقة" التي فقدتها وهما بالصف الثاني، فكانت كتابتها علاج تتنفّس من خلاله الأمل لتستعيد توازنها النفسي بعد فقد أختها، كما حظيت باقتناء تجربة متفردة للطفل واليافع في كتابين "رصافة كبرياء لنواف الهذلي" و"على جناح غيمة" للأديبة التربوية، عفاف الصبحي، حيث جمعت بالكتاب نتاجا شعريا لعدد من الفتيات البارعات في نظم القصيدة العامودية والشعر الحر، وفي عام 2019م تشرّفت بدعم 7 أديبات يافعات لأقف بهنّ على معرض كتاب جدة كأوَّل حدث للطفل الأديب، وفي عام 2021م شهد معرض كتاب الرياض وجدة تصدير كتاب "أدب الطفل بأقلام الناشئة"، ليقف معي أكثر من 75 طفلا ويشاركوا الجمهور تجربتهم مع عزلة الكتابة في أثناء جائحة كورونا في هذا الكتاب، لتشهد معارض الكتاب في السعودية هذا التحوّل الابتكاري في الكتابة من الطفل للطفل".

وعن آخر كتاباتها، قالت شوقية الأنصاري: "في الوقت الذي انغمستُ فيه بتدوين إبداعي الشعري والروائي، لتأتيني تلك الومضة الإنسانية من طفلة موهوبة قروية، فأتوقَّف فيها عن إبداعي وألتفت لإبداع الطفل الذي أبهرني بصوت جماله، فكان لمشروعي الثقافي التطوعي 'مملكة التأليف للطفل الأديب' النصيب الأكبر من الإنتاج تجاوز 10 مؤلّفات لأكثر من 100 طفل ويافع، منشورة في دور نشر سعودية وهي: 'روح تبحث عن جسد - تغاريد الفجر - قلم قلبي - أقحوانة وسط حرب - النشاط الإشعاعي لجبال السروات.. وغيرها'، وآخر ما ألهمني الطفل فيه للكتابة روايتي لليافعات 'العنود' اشترَك في رسم فصولها أكثر من 12 طفلة بريشة فنية، وحاليا أعمل على مشاركة 100 طفل ليترجموا ويرسموا كتاب 'أدب الطفل بأقلام الناشئة'، وتكتمل منظومة إبداع الطفل فيه بين النص العربي والنص المترجم واللوحة الفنية، وهناك أيضا ديوانا شعر للطفل، ومجموعة قصصية وأخرى مسرحية".

اقرأ أيضًا: مذكرة تفاهم بين النيابة العامة و”سايت” لتطبيق أعلى معايير الأمن السيبراني

وتختتم حديثها قائلة: "وأعمل على دراسة بحثية في مسرح الطفل ومجموعة مقالات نقدية في أدب الطفل، قريبا ترى النور ونثري بها رحلة الطفل القرائية والكتابية، ونصمّم له معرض كتاب 'الطفل الأديب'، ليقف العالم على تجاربنا التحوّلية في أدب الطفل وثقافته".