أكاديميون روس لـ”الوئام”: تعاون العرب وموسكو يحقّق سلامًا عادلًا لفلسطين ويمنع هيمنة واشنطن

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس

الوئام- خاص

اعتمد مجلس الأمن الدولي، مطلع الأسبوع، القرار رقم 2720 بشأن غزة وإسرائيل، الذي يدعو إلى "اتخاذ خطوات عاجلة للسماح فورا بإيصال المساعدات الإنسانية بشكل موسّع وآمن ودون عوائق، ولتهيئة الظروف اللازمة لوقف مستدام للأعمال القتالية"، بتأييد 13 عضوا وامتناع الولايات المتحدة وروسيا عن التصويت.

وقبيل التصويت على القرار، اقترح المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، إدخال تعديل للمطالبة بوقف القتال، لكن هذا الاقتراح سقط بـ"الفيتو" الأمريكي، رغم أنه حصل على تأييد 11 دولة، وامتنعت 3 دول عن التصويت.

مشروع القرار، الدّاعي إلى هدنة وممرات إنسانية ممتدة في جميع أنحاء قطاع غزة، والذي قدّمته دولة الإمارات العربية المتحدة، العضو العربي بالمجلس، وحظي بفيتو أمريكي، أصاب الكثيرين في منطقة الشرق الأوسط بخيبة أمل مع استمرار أعمال الاستهداف والقصف الإسرائيلي لما تبقى من قطاع غزة وأهله المحاصرين بنيران المدفعية والقاذفات، فضلا عن الجوع وانتشار الأمراض، كما اعتبرته دوائر سياسية روسية غير كافٍ لوقف آلة الاعتداء الإسرائيلية، لا سيما أنه لا يتضمّن وقفا شاملا لإطلاق النار.

ورغم الفيتو الأمريكي، قالت المندوبة الأمريكية لدى مجلس الأمن إن اعتماد مشروع القرار الذي تقدَّمت به دولة الإمارات يعزّز وصول المساعدات إلى قطاع غزة، وأضافت: "نشدِّد على أهمية وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين في قطاع غزة".

ويبقى الدور الروسي واضحا ومساندا لحل الدولتين ووقف إطلاق النار، وهو ما يتوافَق مع المواقف العربية، لا سيما السعودية، الداعية إلى وقف القتال والتمهيد لعملية سلام شاملة تبقي على الحقوق الفلسطينية المنتهكة بفعل القوّة العسكرية الإسرائيلية والمدعومة من الولايات المتحدة.

مبادرة السلام.. والرغبات الأمريكية

يقول الدكتور آصف ملحم، مدير مركز "جي إس إم" للأبحاث والدراسات: "الموقف الروسي يتوافَق تماما مع الموقف العربي، ومع المبادرة العربية للسلام التي طرحتها المملكة العربية السعودية منذ قرابة العقدين، كما أنّه يتماهى مع قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصّلة، وجميعها تدور حول نقطة واحدة، وهي إقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس على حدود ما قبل 5 يونيو عام 1967، تعيش بأمان إلى جانب إسرائيل".

الدكتور آصف ملحم مدير مركز "جي إس إم" للأبحاث والدراسات
الدكتور آصف ملحم مدير مركز "جي إس إم" للأبحاث والدراسات

ويُضيف آصف ملحم، في حديث خاص لموقع "الوئام": "روسيا لا تنظر إلى إسرائيل كأداةٍ من أدوات سياستها الخارجية، فهي ليست بحاجة إلى مثل هذه الأداة، كما أن وجود أو عدم وجود إسرائيل كدولة لا يعني روسيا بأي شكل من الأشكال؛ لكن موسكو تنطلق من ثوابت واضحة، وهي احترام القانون الدولي، لذلك هي تقول دائما إنها تؤيِّد حل الدولتين وفق القرارات الدولية، كما أنها ضد المساس بأمن أي طرفٍ في منطقة الشرق الأوسط، لا سيما الفلسطينيين".

ويوضّح مدير مركز "جي إس إم" للأبحاث والدراسات، أن "إسرائيل لا يُمكنها أن تتحوّل إلى أداة طيعة من أدوات الهندسة الجيوسياسية الأمريكية، إذا كانت تعيش بأمان وسلام مع محيطها العربي؛ لأن العامل الأساسي هو الأمن، والذي يتم العبث به حسب مقتضيات المصلحة الأمريكية، فعندما وقّع الرئيس الراحل ياسر عرفات، اتفاق أوسلو في تسعينيات القرن الماضي، بدأت اللوبيات وجماعات الضغط في الولايات المتحدة تطرح السؤال: ماذا علينا أن نفعل لاحقا إذا تحقّق السلام بين إسرائيل والعرب؟".

اقرأ أيضًا: الهلال الأحمر الفلسطيني يشكر السعودية لدورها الإنساني النبيل في إغاثة غزة

ويُتابع المتحدّث ذاته: "قال بعضهم دون مواربة: إن تحريض الناس (ضد) أسهل مِن جمعهم (مع)، وهذه المقولة الأخيرة في الواقع تعكس جوهر السياسة الخارجية الأمريكية التي تستند إلى "إدارة الفوضى" وخلق بؤر التوتّر والتحكّم بها".

حل الدولتين.. وسياسة روسيا

يقول الباحث الروسي المتخصّص في الشؤون الدولية، تيمور دويدار، إن "إسرائيل ككيان سياسي، اجتماعي، اقتصادي، يقوم على القوّة العسكرية الكبيرة، ولا يوجد رابط بين أفراد هذه الدولة من جهة وبين هذه الأرض من جهة أخرى سوى عنصر الخوف من (الآخر)، الذي يُمثّله العرب والمسلمون في حالتنا، لذلك فإنّ الشعور بالخوف هو العامل الجامع لأفراد هذه المجموعة البشرية، وهناك ضرورة دائمة لإبقاء مستوى هذا الشعور عند حد معيّن، وقادة إسرائيل عبّروا عن ذلك مرارا وتكرارا عقب انطلاق محادثات السلام في تسعينيات القرن الماضي، بعد مؤتمر مدريد للسلام، فقالوا بوضوح: السلام مع العرب يدمِّرنا".

الباحث الروسي المتخصّص في الشؤون الدولية، تيمور دويدار
الباحث الروسي المتخصّص في الشؤون الدولية، تيمور دويدار

ويُضيف دويدار، في حديث خاص لموقع "الوئام"، أن "قيام روسيا بمحاولة الدفع باتجاه حل الدولتين، والتنسيق مع العرب في هذا الشأن، سيكون أحد أهم أهداف السياسة الخارجية الروسية بعد انتخابات عام 2024، لأنّ إنجاز هذه المهمّة الصّعبة سيؤدّي إلى انتزاع أقوى أوراق القوة وأهم أدوات السياسة الخارجية الأمريكية، والتي بالتأكيد ستقود حتما إلى إنهاء الهيمنة الأمريكية في العالم إلى حد كبير، وهذا ما أعلنت عنه روسيا عقب قيامها بالعملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا في فبراير 2022".

ويختتم المتحدّث ذاته حديثه قائلا إنه "بعد إيقاف إطلاق النار في قطاع غزة، نعتقد أن روسيا ستسعى جاهدة، بالتنسيق مع أعضاء مجموعة "بريكس" ومنظمة شنغهاي، إلى عقد مؤتمر للسلام بين العرب وإسرائيل، الأمر الذي سيضع واشنطن في حرج شديد؛ لأن نسبة الداعمين لهذا المسعى ستكون كبيرة مقارنةً مع الدول الغربية، وهذا ما عكسته مرتين قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن إيقاف الحرب في غزة".