خبراء لـ”الوئام”: “الغذاء والنفط والأسعار” ثلاثية فاقمتها حرب أوكرانيا في 2023

تستمر الحرب الروسية الأوكرانية دون حلول قريبة تلوح في الأفق، وسط موجة من العقوبات المتبادلة بين موسكو والغرب، وضعت الاقتصاد العالمي في عدة أزمات خلال عام 2023، وفي السطور التالية يرصد خبراء، تحدّثوا لـ"الوئام"، عن تأثيرات بالغة على الدول الأفريقية والنامية، جرّاء الحرب وارتفاع أسعار الحبوب والطاقة.

عام الصّدمة الاقتصادية

تقول الخبيرة الاقتصادية، ولاء عدلان، إن "العام 2022 يُمكن أن نُطلق عليه عام الصدمة؛ فاندلاع الحرب الروسية الأوكرانية وطول أمدها أدَّيا إلى اضطراب قوي على صعيد شحنات الحبوب، باعتبار البلدين مِن أكبر مصدّري الحاصلات الزراعية، لكن في العام 2023، شهدت الأسعار تراجعا مدعومة بموسم حصاد وفير، فأسعار القمح العالمية تراجعت بنحو 15.8%، والذّرة بقرابة 27.6% منذ بداية العام حتى 8 ديسمبر الحالي، أمَّا أسعار الأرز فشهدت أسعاره استقرارا إلى حدّ ما".

اقرأ أيضًا: كيف تجاوَز اقتصاد روسيا مقصلة عقوبات 2023؟ خبير اقتصادي يُجيب “الوئام”

وتُضيف ولاء عدلان، في حديث خاص لـ"الوئام"، أنّ "هذه التراجعات ليس من الضروري أن تُمرَّر إلى المستهلك نتيجة لعوامل أخرى مرتبطة بمستويات التضخّم داخل كل دولة وارتفاع أسعار الفائدة، الأمر الذي أضرّ بعملات الدول النامية، ومنها الدول الأفريقية؛ فتراجُع العملات أمام الدولار الأمريكي مع ارتفاع التضخم يحدّان من القدرة الشرائية للمستهلكين".

وتُشير الخبيرة الاقتصادية إلى أنّ "دول العالم الأفريقية والنامية، فوجئت بالخلاف العسكري الواسع في أوكرانيا والذي أنتج أزمات عالمية في أسعار وتوافُر سلع استراتيجية؛ مِن بينها الحبوب (القمح والذرة والشعير) التي تنتج موسكو وكييف منها رقما مهما بالنسبة إلى التجارة العالمية (ما يزيد على 76 مليون طن لروسيا، و32 مليون طن لأوكرانيا)".

وتتابع المتحدّثة ذاتها: "فضلًا عن الغاز الروسي واشتعال أزمة الطاقة في أوروبا، أيضا شهد 2023 ارتفاعا هائلا في أسعار المحروقات والحبوب، نتيجة الحظر اللوجيستي الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية على صادرات روسيا وتعثّر سلاسل التجارة والإمدادات عبر الموانئ".

اقرأ أيضًا: عام الإنجازات

ولاء عدلان تُوضّح: "سعت أمريكا والدول الغربية إلى مفاقمة العقوبات الخاصّة بسلاسل التجارة الروسية وضخ شحنات الحبوب للدول الأفريقية، خصوصا في 2023، بهدف توريط موسكو أمام العواصم الأفريقية وإظهارها أنّها السبب في المجاعة ببعض دول العالم، وهو سيناريو تنبَّهت له دول القارة السمراء التي زادت من معدّلات التقارب مع روسيا، لا سيما في غرب القارة؛ من بينها مالي والنيجر وبوركينا فاسو".

العقوبات وصادرات روسيا

في السياق، يرى الباحث في الشأن الدولي، أحمد سلطان، أن "أكثر سلعة استراتيجية تأثَّرت بالحرب الروسية الأوكرانية كان الحبوب، والمفارقة الأغرب أن بكين رغم حجم الإنتاج الضخم من القمح تستحوذ على 4.76% مِن الواردات العالمية لهذه السلعة، لتحتل المركز الثالث بين أكبر المستوردين العالميين، ناهيك بأزمة الطاقة التي تزيد حدّتها في الشتاء القارس البرودة، وأكثر المتأثّرين بها الأوروبيون".

ويقول أحمد سلطان، في حديث خاص لـ"الوئام"، إن "الدول الغربية راهنت على تركيع الاقتصاد الروسي وقدرات الدولة العسكرية في حرب أوكرانيا، عن طريق استراتيجية الاستنزاف ووقف سلاسل الإمداد نتيجة العقوبات الأمريكية التي تزايدت في 2023".

ويرصد سلطان في نقاط عدّة عوامل تُؤكّد تأثّر دول القارة الأوروبية من قرارات عقاب روسيا أكثر مِن تأثّر موسكو نفسها:

اقرأ أيضًا: “الإحصاء”: 46.6% من العاملين مدربون على إجراءات الصحة والسلامة في العمل

- على صعيد أسواق الطاقة، أظهرت في العام 2023 تراجعات مقارنةً بما كانت عليه في 2022.

- تراجعت أسعار النفط على نحو طفيف لا يتجاوز 1%، وتراجعت أسعار الغاز الطبيعي بقرابة 58% وفق أسعار 8 ديسمبر، والسبب الرئيسي وراء ذلك هو تراجُع الطلب وتباطؤ اقتصاد الصين، أكبر مستهلك للوقود.

- انكماش الإنتاج الصناعي في عددٍ من الاقتصادات الكبرى؛ كالولايات المتحدة وألمانيا.

- فرضت الحكومة الروسية تدابير جديدة تُجبر المصدّرين، في مجالات الطاقة والمعادن والزراعة، على تحويل عائداتهم من العملات الأجنبية إلى الروبل، كما أصدرت رسوما جديدة على المصدّرين غير النفطيين لتعزيز العملة، مما يضعف العملة الأمريكية على المستوى البعيد، مع ضغوط التضخم وتراجع الإنتاج والاضطرابات الجيوسياسية.

- زيادة معدلات التضخم في أمريكا وتفاقم أزمة الطاقة التي أثّرت بالسلب على خطوط الإنتاج، حتى أنّها أثّرت بالتالي على معدلات إنتاج بعض الدول الغربية من الأسلحة والمنتجات الأساسية.

- اتجاه تدريجي للابتعاد عن استخدام الدولار في التجارة الدولية (اتفاقات التبادُل بالعملات المحلية بين عددٍ من الدول، والمنظمات الإقليمية الهادفة إلى تبنّي تبادلات تجارية بالعملات المحلية أو إطلاق عملة مشتركة) بمجموعة "BRICS".