كشفت وزارة البيئة والمياه والزراعة في المملكة عن خطة طموحة لتطوير قطاع النفايات، وذلك وفقًا لتقريرها السنوي، والذي تتضمن جهودًا رئيسية لتحسين إدارة النفايات، من بينها السعي للوصول إلى معدل إعادة تدوير يصل إلى 95%، بما سيسهم في زيادة الناتج المحلي بمبلغ يقدر بنحو 120 مليار ريال.
ويصل إجمالي حجم النفايات في المملكة إلى نحو 130 مليون طن سنويًا، وفق تصريحات سابقة لرئيس شركة تدوير ومستشار استثمار في الشركات الناشئة هشام الجبر، إذ يتجاوز إنتاج الفرد للنفايات 1.7 كجم يوميًا. وهو أعلى من المعدل العالمي.
وفق الاستراتيجية الوطنية للبيئة، الصادرة في العام 2018، يشكو قطاع إدارة النفايات من ضعف في البيانات على المستوى المناطقي والوطني، كما يشكو من ضعف في مراقبة ورصد عمليات جمع النفايات ومعالجتها والتخلص منها.
كذلك، لا يتم فصل النفايات البلدية عند الصدر، مما يعيق إعادة التدوير، بما يؤدي إلى طمر كميات كبيرة من النفايات القابلة للتحلل.
اقرأ أيضًا: خبير بحماية البيئة: إعادة تدوير النفايات منزليًا عادة مربحة ماليًا يجب غرسها بمجتمعنا
وقد سجلت الاستراتيجية -في إطار مراجعتها للوضع- أن حوالي 55% من النفايات البلدية في الرياض هي عضوية، بينما يعاني قطاع إعادة التدویر من عدم التنظيم ومعدلات إعادة تدویر منخفضة، حيث یتم إعادة تدویر أقل من 10% من النفایات البلدیة بينما يتم التخلص من 90% في مرادم النفايات، التي تصل نسبة غير الملتزم فيها بيئيًا إلى نسبة 97.3%/ مع افتقارها إلى عمليات جمع الميثان ومعالجة العصارة، التي تؤدي إلى تلوث بيئي، بما يشمل تلوث المياه الجوفية.
وتُقدر الاستراتيجية كمية إنتاج النفايات البلدية بـ 13 مليون طن سنويًا، والنفايات الخطرة بـ 1 مليون طن (كمية هائلة)، ومخلفات البناء والهدم بـ 12 مليون طن، بينما تُسجل النفايات الخاصة 3 ملايين، وكلها بيانات تقديرية لغياب الإحصاء الكامل.
في أغسطس من العام 2021، وافق مجلس الوزراء السعودي على نظام خاص لإدارة النفايات، وذلك في خطوة نحو تحقيق مستهدفات رؤية الدولة 2030 المتعلقة بالنظام البيئي. حيث أكد مختصون أن رؤية المملكة للعمل بمبادئ الاقتصاد الدائري ستظهر على أرض الواقع في سبيل حماية البيئة واستدامتها، مما يولد قطاعًا اقتصاديًا عملاقًا يساهم في نمو الإيرادات غير النفطية، كما هو مخطط له حسب تطلعات الدولة.
وقتها، قال وزير البيئة والمياه والزراعة، المهندس عبد الرحمن الفضلي، إن الموافقة على هذا النظام تأتي في إطار سلسلة الأنظمة التي سبق اعتمادها لقطاع البيئة بهدف تنظيم أنشطة إدارة النفايات وتحديد الأدوار والمسؤوليات المنوطة بأصحاب العلاقة في سبيل حماية البيئة واستدامتها وفق مبدأ الاقتصاد الدائري، تحفيزًا للاستثمار وتحسين مستوى الخدمة والصحة العامة والمشهد الحضري.
في سبيل ذلك، أنشأت السعودية المركز الوطني لإدارة النفايات (موان) مطلع الربع الثاني من العام 2021، بهدف تنظيم أنشطة القطاع والإشراف عليها وتحفيز الاستثمار بها والارتقاء بجودتها بالاعتماد على مبدأ الاقتصاد الدائري لتحقيق أهداف التنمية المستدامة ومستويات متقدمة في السلامة البيئية تماشياً مع الرؤية السعودية.
كما أسست المملكة الشركة السعودية الاستثمارية لإعادة التدوير (سرك)، وهي إحدى الشركات المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة، كجزء من الاستراتيجية والأهداف نحو تنمية وتطوير قطاعات جديدة داخل البلاد والاستثمار في معالجة المواد القابلة للتدوير عبر أحدث تقنيات، لكي تكون محركًا رئيسًا للاقتصاد الدائري من خلال رفع عمليات إعادة التدوير الإجمالية.
وفي فبراير من العام الماضي، أطلقت المملكة 27 حزمة فرص استثمارية بقطاع إدارة النفايات في المجموعة الجغرافية للرياض، التي تضم 8 مناطق، بقيمة تتجاوز 21 مليار دولار (80 مليار ريال). بينما توقع عبدالله السباعي، الرئيس التنفيذي للمركز الوطني لإدارة النفايات في السعودية، أن يسهم قطاع إدارة النفايات في المملكة بنحو 32 مليار دولار (120 مليار ريال) في الناتج المحلي الإجمالي السعودي بحلول عام 2035.
وقال السباعي، في تصريحات صحفية على هامش ملتقى الاستثمار في قطاع إدارة النفايات الذي انعقد وقتها في الرياض، إن الاستراتيجية الوطنية لإدارة النفايات حددت 25 مجموعة جغرافية تشمل كافة مناطق المملكة.
ووفق بيانات وزارة البيئة والمياه والزراعة، فإن الاستراتيجية الوطنية للبيئة تشمل أكثر من 65 مبادرة، بتكلفة تزيد عن 55 مليار ريال، وذلك لتعويض نسبة إعادة التدوير المتدنية حاليًا في قطاع إدارة النفايات، والتي لا تتجاوز 3% إلى 4%، وهي الأقل في العالم.
وتركز الخطة على تحسين هذه النسبة إلى 95%، مع التأكيد على ضرورة التعامل العلمي الصحيح مع النفايات الصناعية الضارة، مثل النفايات الطبية.
وفي 2023، نجحت الوزارة في الحفاظ على أكثر من 90 ألف هكتار من الأراضي، وزراعة أكثر من 50 مليون شجرة. كما ساهمت جهود الرقابة في الالتزام البيئي ورفع مستوى الوعي المجتمعي، ما أسهم في تحسين جودة الحياة.
كما تمكنت من تقليل العواصف الغبارية في المملكة، والتي بلغت نسبتها 10% فقط، ويرجع ذلك إلى وجود المحميات البيئية، وزيادة الهطول المطري، واعتماد برنامج الاستمطار، والحفاظ على أكثر من 99 ألف هكتار من الأراضي، وزراعة نحو 50 مليون شجرة في جميع مناطق المملكة.