يشهد الاقتصاد الرقمي السعودي نمواً وتطوراً ملحوظين في السنوات الأخيرة، حيث قامت المملكة بالاستثمار الكبير في مجالات الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، والأمن السيبراني، وتحليلات البيانات الضخمة، وهذه الاستثمارات تعكس عزم المملكة لتحقيق التميز في الرخاء الاقتصادي والاجتماعي.
وتهدف السعودية إلى رفع حصتها من الناتج المحلي الإجمالي المرتبط بالاقتصاد الرقمي إلى 19.2% بحلول عام 2025، ما يفتح الباب أمام فرص استثمارية واسعة في قطاع التقنيات الرقمية، وتعكس تلك الخطوات تعكس التزام المملكة بالتطور التكنولوجي وتعزيز مواقعها في الاقتصاد الرقمي على الصعيدين المحلي والعالمي.
فترة تطور استثنائية
وتشهد المملكة خلال العام الجاري نقلة نوعية في الاقتصاد الرقمي، حيث تعيش فترة تطور استثنائية على جميع الأصعدة، وتستعد لتحول كبير خلال السنوات المقبلة، وتتضح خططها الطموحة لاستضافة “إكسبو 2030” وكأس العالم لكرة القدم 2034، بالإضافة إلى جهودها في تنفيذ حزمة واسعة من الحلول لمواجهة التحديات المناخية.
كما تقوم نسبة 52% من المؤسسات في السعودية حاليًا بتحويل نماذج أعمالها التقليدية نحو أساليب تتماشى مع متطلبات العصر، وتتبنى منهجيات عمل رقمية.
ومن المتوقع أن تشهد قطاعات مثل الرعاية الصحية والخدمات المالية والتجزئة والخدمات المتخصصة والتعليم نموًا متسارعًا خلال السنوات الخمس المقبلة، حيث تسعى الشركات في هذه القطاعات إلى استثمار التكنولوجيا، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء، بأفضل الطرق الممكنة.
وتقوم رواد قطاع الرعاية الصحية ، بالانتقال نحو استخدام الحلول الشبكية التي تسمح بتطوير سجلاتهم الإلكترونية وتنظيم عملياتهم بشكل أكثر فعالية وأمانًا، وبالنسبة للقطاعات الأخرى، فإن المؤسسات تعمل على مراجعة استراتيجيات التكنولوجيا الخاصة بها، مما يمكّنها من وضع مسارات نمو مستقبلية وتعزيز قدراتها على تلبية الطلب المتزايد.
ومن الأهمية بمكان أن يتم تبني التكنولوجيا بشكل استراتيجي، حيث يتطلب الأمر أن تنظر الشركات إلى هذا التوجه الجديد بعين التفكير الاستراتيجي، لضمان حصولها على الأساس الرقمي اللازم لتحقيق النمو التكنولوجي وتنفيذ التحول الرقمي بكفاءة عالية في المواقع التي تحقق فيها أكبر تأثير ممكن.
وتعمل الحكومة حاليًا على وضع خطط متقنة لسد الفجوة التقنية من خلال تدريب وتطوير 20 ألف متخصص في مجالي الذكاء الاصطناعي والبيانات.
ومن المتوقع أن يتبع القطاع الخاص نفس الخطى بتكثيف جهوده الموجهة لتحقيق هذا الهدف، ومن بين الشراكات الملموسة التي تشهدها المملكة، تعاون “آبل” وأكاديمية طويق مع “إكستريم نتوركس” لإطلاق أكاديمية مطوري “آبل” الأولى من نوعها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بهدف تمكين وإلهام الشابات السعوديات الواعدات في مجالات التكنولوجيا وتطوير التطبيقات.
وتحتل السعودية المرتبة الرابعة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من حيث نظم الشركات الناشئة، ويُعتبر ذلك نتيجة إيجابية للجهود التعليمية التي بذلها القطاع العام والخاص في المملكة، ومن هذا المنطلق، يُتوقع رؤية مزيد من مشاريع ريادة الأعمال الجديدة التي تعتمد على التكنولوجيا خلال العام المقبل.
كما تشير الأرقام إلى تسجيل قطاع الاقتصاد الرقمي والفضاء والابتكار أرقامًا قياسية، حيث وصل حجم الاتصالات والتقنية إلى 163 مليار ريال، ما يعادل 43.4 مليار دولار، بينما بلغت الاستثمارات الأجنبية في الحوسبة السحابية أكثر من 16 مليار ريال، ما يعادل 4.2 مليار دولار.
توفير الوظائف.
ونجح القطاع التقني في المملكة في توفير 354 ألف وظيفة، مما يجعله أكبر تكتل للمواهب الرقمية في المنطقة، ووصلت نسبة تمكين المرأة في القطاع إلى 35%.
ووفقًا لتقرير الاقتصاد الرقمي في قارة آسيا لعام 2023، فقد تجاوزت قيمة الاقتصاد الرقمي في السعودية حاجز 100 مليار دولار، واحتلت مكانة متقدمة بين دول القارة.
وهذه الأرقام تعكس النمو الهائل والتطور السريع الذي يشهده القطاع التقني في المملكة العربية السعودية، مما يعزز مكانتها كقوة رائدة في الاقتصاد الرقمي على مستوى الشرق الأوسط وآسيا.