مصطفى شلش – الباحث في الشؤون الدولية مدير وحدة الدراسات الآسيوية، بمركز الدراسات العربية – الأوراسية
تشهد منطقة زاباروجيا ضغطا روسيا مكثّفا وحشدا محكما للسيطرة على الجنوب الأوكراني بالكامل، ومنع كييف من بناء قدراتها مجدّدا في تلك الجبهة.
التقدُّم الذي حققته القوات الروسية مؤخّرا بالقرب من كريمينا وأفدييفكا وسط استمرار القتال على طول خط المواجهة بأكمله في 9 مارس الجاري، يُمكن تفسيره بأنه ترجمة حقيقية لقيام القوات الروسية بعملية إعادة انتشار واسعة النطاق في شرق أوكرانيا، بما في ذلك المنطقة التي شنّت فيها كييف هجوما مضادا في اتجاه مناطق خيرسون وميليتوبول وزاباروجيا، وجلب قوات إضافية، بوصفه “تسخين جبهات عسكرية لخدمة الدبلوماسية”.
كما يمكن تفسير الأمور في ضوء 3 مُتغيرات على صعيد المواجهات القتالية القوية على خطوط المواجهة بين روسيا وأوكرانيا وأهمّها:
– انخفاض معدّل الاهتمام والدعم الأمريكي الموجّه حاليا إلى الأزمة في الشرق الأوسط، لا سيما الحرب في قطاع غزة وتوترات البحر الأحمر، بالإضافة إلى احتدام فعاليات موسم الانتخابات الرئاسية الأمريكية بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري.
– التصريحات الأوروبية المتصاعدة، لا سيما من فرنسا ضد روسيا.
– والثالث والأخير، تصريحات الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، بأن أوكرانيا لن تكون منفتحة على المفاوضات مع روسيا إلا بعد أن تضع مع شركائها خطة سلام على الرغم من الخطة التركية.
فموسكو تُريد الجلوس في ظل انتصار يضمن لها إحكام السيطرة بالكامل على الشرق الأوكراني، بوصفه أراضيَ روسية بالكامل، وساكنيها مِن مُتحدّثي الروسية وحاملي جنسيتها، كما تضمن تلك السيطرة بُعدا جيو-استراتيجيا مُهما وهو حماية شبه جزيرة القرم، حيث ستمكن روسيا من إنشاء “جسر بري” إلى شبه الجزيرة التي تشكّل مركزا عسكريا وتجاريا حيويا لموسكو على البحر الأسود، وإمكانية الحفاظ على مصادر المياه “الشحيحة” لشبه الجزيرة، وهي مسألة مقلقة جدا لنمط الحياة في تلك المنطقة، علاوةً على ذلك، سيُصبح بحر آزوف بأكمله أيضا جزءا من روسيا.