تستمر الأوضاع المتدهورة في السودان مع ارتفاع معدلات الجوع وسوء التغذية وعمليات النزوح اليومية، فراراً من مناطق القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع.
في سياق متصل، نبّهت هيئة عالمية معنية بالأمن الغذائي، تدعمها الأمم المتحدة، إلى ضرورة اتخاذ إجراءات فورية “لمنع انتشار الموت على نطاق واسع والانهيار الكامل لسبل العيش وتجنّب أزمة جوع كارثية في السودان”، حيث بات نحو 5 ملايين شخص في السودان على شفا مجاعة كارثية.
تقول أمل أبو القاسم، المحللة السياسية السودانية ورئيس تحرير موقع “عزة برس”: “السودان يعاني كارثة إنسانية بسبب نقص الغذاء، وهناك أرقام صادمة لوفيات جرّاء الجوع في السودان، بينهم أطفال، إلى جانب انتشار الأمراض”.
وتضيف أمل أبو القاسم، في حديث خاص لـ”الوئام”: “تفضّلت كثير من الدول بإرسال مساعدات؛ سواء كانت مواد غذائية أو أدوية وعلاجات، لكن تبقى مشكلة إيصال هذه المساعدات معلّقة؛ لأن أغلب المناطق التي تحتاج إليها تقع إما في منطقة اشتباكات أو تتعرّض لاستهداف من قبل المتمرّدين؛ وآخرها قافلة منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونسيف) التي كانت في طريقها لشمال دارفور مدينة الفاشر، فاعترضها “الدعم السريع” ومنع وصولها، الأمر الذي استهجنته حكومة السودان التي أصدرت خارجيتها بياناً حاد اللهجة، كما استنكرته أيضاً مفوضية العون الإنساني، وهي تطالب اليوم الأحد، كل المنظمات العالمية والوكالة العاملة في المجال الإنساني الحقوقية بإدانة اعتراض الدعم السريع شاحنات اليونسيف المتجهة للفاشر”.
وتؤكّد المحللة السياسية السودانية أن “المفوضية وحكومة السودان ملتزمتان بتسهيل كل العقبات ووصول المساعدات الإنسانية للمُستفيدين، ووافقت حكومة السودان على دخول المساعدات الإنسانية عبر تشاد، وقد تمنّعت سابقاً كون المنفذ يستخدم لدخول الأسلحة للمتمرّدين، لكنها ولتسهيل عمل المنظمات وافقت إلى جانب عددٍ من المنافذ، لكن ما زال الدعم السريع يتربص بها ويمنع وصولها”.
وتتابع أمل أبو القاسم: “فالسودان ورغم ما يمر به من أزمة، ما زال يحتفظ بميزانه الاقتصادي، لا سيما الزراعي الذي لم يتوقّف في المناطق الآمنة، والمثال ولاية الجزيرة التي احتفلت بحصاد محصول القمح قبل أيام قلائل، وهو ذات الحال في كثيرٍ من الولايات التي لم تطَلها الحرب”.
وتختتم المحللة السياسية السودانية حديثها قائلة: “فيما يلي عمليات النزوح واللجوء، فهذا أمر طبيعي، في ظل حرب لم يلتزم طرفها المتمرّد بأصول الحرب وانحرف بها نحو المواطن، والآن ‘الدعم السريع’ تقتل وتنهب وتغتصب في قرى ولاية الجزيرة التي تخلو تماماً من الجيش، وذات الحال كان مع بداية الحرب في العاصمة الخرطوم، ما دفع ملايين السكان للنزوح خيفة استهداف أولادهم وبناتهم وأرواحهم، لكن الآن وبعد استقرار عدد من أحياء الخرطوم، لا سيما مدينة أم درمان، فقد بدأ الكثيرون العودة لديارهم حتى الذين بالخارج، ونتوقع أن تزداد الهجرة العكسية نحو الديار عقب عيد الفطر المبارك”.