أعلنت وزارة الإعلام الكويتية عن وقف عرض مسلسل “زوجة واحدة لا تكفي”، الذي يتم عرضه خلال شهر رمضان، وذلك بسبب إساءته للمجتمع الكويتي وقيمه. بينما أضافت الوزارة -في بيان- بإحالة صناع العمل إلى النيابة العامة للتحقيق معهم بتهمة الإساءة إلى قيم وأخلاق المجتمع الكويتي. كما قررت الوزارة إيقاف جميع الممثلين المشاركين في العمل عن التمثيل في أي أعمال فنية بالكويت سواء مسرحية أو فنية.
تدور أحداث المسلسل حول عائلة تتألف من الزوج رشيد وزوجته هيلة، ولديهما ثلاث بنات وستة أحفاد، وقد كانت هذه العائلة مثالية في الظاهر.
هيلة، التي تشغل منصب مديرة لمدرسة مختلطة، كانت الزوجة المثالية بسبب اهتمامها بالتفاصيل وقوتها الشخصية، لكن الحقيقة المؤلمة كانت مختلفة. فبعد أن قررت هيلة منح رشيد إدارة المدرسة، لم تكن تعلم بأن هذا القرار سيغير حياتها بالكامل.
رشيد، بعد توليه المنصب، تزوج سرًا ثلاث نساء أخريات، مما أدى إلى تفاقم الصراعات داخل الأسرة.
المسلسل يناقش العديد من القضايا الهامة مثل نظام التعليم وعلاقات الطلاب في المدارس، ويسلط الضوء على قضية التنمر والتجسس في المدارس، مما يعكس تحديات المجتمع الحديث. هذه القضايا تجعل المسلسل محط اهتمام المشاهدين وتسبب في حالة من الجدل على منصات التواصل الاجتماعي.
تباينت الآراء حول المسلسل، ما بين البعض الذي اعتبر المسلسل جريئًا ومفيدًا لمناقشته قضية تعدد الزوجات والزواج العرفي من منظور مختلف، وآخرون اعتبروا المسلسل “خارج عن المألوف والقيم العربية”، يتضمن مشاهد لم تعتادها المجتمعات العربية، مستوحاة من المسلسلات الأجنبية.
وكانت صحيفة “الوئام” الإلكترونية بين أوائل المواقع الإعلامية التي تناولت ما تعرض له المسلسل من انتقادات، التي فصلتها “الوئام” في تغطية خاصة وحذرت من آثارها.
اقرأ أيضًا:
جرائم “زوجة واحدة لا تكفي”.. تقليد الدراما الأجنبية يهدد القيم المجتمعية
“زوجة واحدة لا تكفي”.. هل الانتقادات تكفي لوقف عرض المسلسل؟
الفن لا يعرف حدودًا، لكنه أيضًا لا ينبغي أن يفارق واقعه ومجتمعه بفرض قيم واقع مغاير، ومن هنا كان الانتقاد لبعض مشاهد المسلسل التي أثارت الجدل، وكان من بينها حوار تلميذة مع الآنسة هيلة حول حمل صديقتها من أخيها غير الشقيق، ومشهد تحدّي طالبات لزميلهن في ملعب رياضي.
وهو أمر وصل إلى حد تدخل وزارة الإعلام الكويتية، التي أكدت رفضها أي عمل فني يتضمن إساءة إلى المجتمع الكويتي، مشددةً على ضرورة احترام القوانين والمواثيق وأخلاقيات المجتمع.
لم تذكر وزارة الإعلام اسم المسلسل، في بيانها الذي سبق بيان وقف المسلسل، لكن صفحات إخبارية وقتها أكدت أنه “زوجة واحدة لا تكفي”، لما أثاره من انتقادات داخل المجتمعات العربية.
وقد وصلت هذه الانتقادات حد أن وصفته دلع المفتي، الكاتبة والأديبة الكويتية، بأنه “عمل هابط”، مشيرةً إلى أول خمس حلقات من المسلسل، والتي تناولت مشاهد تنمر بطفل أدى إلى انتحاره، وسفاح قربى وزنا وحمل واغتصاب، وبيع مخدرات وحبوب، وشرب خمر وسكر وعربدة، وتعدد زوجات، وعنف زوجي، وقتل، وكاميرات تجسس على الأطفال، وبيدوفيليا، على حد قولها.
ولا تنفي “المفتي” وقوع مثل هذه المشكلات داخل كل المجتمعات بغض النشر عن شرقيتها أو غربيتها، لكنها تنتقد الطرح الدرامي الذي يكثف هذه الظواهر، ويتعمد إبرازها أكثر من معالجتها بطرق أكثر قابلية وإقناعًا للمشاهد العربي، رافضًا أن يكون مثل هذا العمل ممثلًا لدولة الكويت.
كذلك، أثار المسلسل نقاشًا واسعًا حول حدود الجرأة في الأعمال الفنية العربية، وضرورة إعادة النظر في مفهومها وتناولها في الساحة العربية، خاصة مع مسلسل مثل “زوجة واحدة لا تكفي” والذي ضم نخبة من الممثلين العربي بشكل جعله واحدًا من أبرز الإنتاجات الفنية هذا العام، والتي تجذب الانتباه.
وقد دفعت الانتقادات الحادة للجمهور والنقاد بطلة المسلسلة فاطمة الصفي، إلى الرد عبر مقطع فيديو على تطبيق “سناب شات”، قائلة: “ظل الناس ينتقدون التكرار، بطّلنا تكرار، طلبوا إننا نخرج بره التقليدي، طلعنا بره الصندوق.. شوفوا اللي تحبوا تشوفوه، وما تشوفوا اللي ما تبغونه”.
وفي ظل الانتقاد، وجَّه الجمهور رسالة عتاب إلى الممثلة هدى حسين، لمشاركتها في هذا العمل رغم تاريخها الفني؛ كما تسأل الجمهور: “هل ما يُطرح في المسلسل جرأة أم حرية أم ابتذال لا يرتقي إلى الواقع؟”.
ورغم القرار الأخير بشأن “زوجة واحد لا تكفي وأبطاله”، فإن هذا العمل يعد فرصة حقيقية لنقاش فني جاد يحتاجه مجتمعنا العربي، حول التقليد في الفن والثقافة، وهو يفتح الباب لدراسة كيف نعرض لقضايانا وثقافتنا دون التأثر بالثقافات الأخرى، وبما يتناسب مع هويتنا وأعرافنا.