الوئام – خاص
تترقَّب العديد من الدوائر السياسية في منطقة الشرق الأوسط والعالمية طبيعة الردّ الإسرائيلي على الجانب الإيراني، بعد أيام مِن استهداف طهران إسرائيل بعدد من الطائرات المسيّرة والصواريخ، سقطت أغلبها دون خسائر.
ويرى محللون أنَّ الرد الإسرائيلي على هجوم إيران الأخير سيكون “حتميا” لأسباب تتعلّق بعاملَي الرد السياسي الذي قطعته حكومة بنيامين نتنياهو على نفسها، ولتحقيق “الردع” أمام الرّأي العام الإسرائيلي الداخلي الغاضب من عدم إنهاء ملف الأسرى لدى الفصائل الفلسطينية واستمرار الحرب في غزة، فضلا عن تراجُع المؤشرات الاقتصادية.
التأكيدات على وقوع الرد، أصبحت مسألة وقت واختيار توقيت وهدف مناسب، بعدما أكّد يوآف غالانت، وزير الدفاع الإسرائيلي، لنظيره الأمريكي لويد أوستن، أن بلاده سوف ترد على الهجوم رغم مطالبة الرئيس الأمريكي جو بايدن، وكبار مسؤوليه، نتنياهو، بتوخّي الحذر في الرد، وأن واشنطن لن تشارك أو تدعم أي ضربة إسرائيلية مباشرة على إيران.
وتذهب توقّعات إلى أنّ الرد الإسرائيلي قد يكون في العمق الإيراني، حتى وإن جاء بشكل محدود على مستوى نتائج الاستهداف.
يقول سركيس أبوزيد، المحلل السياسي اللبناني والباحث المتخصّص في الشؤون الدولية: “بعد الهجمات الإيرانية، مِن المتوقّع أن يشمل الرد الإسرائيلي المحتمل عمليات عسكرية محدّدة ضد أهداف إيرانية في المنطقة، وقد تكون هناك عمليات إسرائيلية في عمق الأراضي الإيرانية، بالإضافة إلى زيادة التوترات والضغط الدبلوماسي على طهران، وهو نوع من الرد السياسي”.
ويضيف سركيس أبوزيد، في حديث خاص لـ”الوئام”: “أو يكون الرد باستهداف شخصيات مرموقة وفاعلة عسكريا وبالحرس الثوري، كما حدث في عملية اغتيال قاسم سليماني أو توجيه ضربات صوب كيانات في داخل أو خارج إيران”.
ويوضّح أبوزيد: “في المقابل، فإن إسرائيل تريد بذات الإطار استمرار الدعم الغربي والأمريكي، لا سيما أنّ الهجمات الإيرانية قد تفتح شهية أنظمة وكيانات ضد إسرائيل، وهذا يحتّم على المنظومة العسكرية والأمنية في القيادة الإسرائيلية الرد، سواءً داخل إيران أو استهداف الفصائل التي تعمل في الفلك الإيراني في سوريا أو العراق أو اليمن، وصولا إلى لبنان”.
ويُتابع المحلل السياسي اللبناني: “الدور الأمريكي مهم في معادلة الرد الإسرائيلي على إيران، لا سيما تجنّب استهداف المنشآت النووية الإيرانية، وباعتقادي أنَّ المصانع الحربية الخاصة بإنتاج الطائرات المسيّرة والصواريخ في أصفهان أو كرمنشاه أو المجمعات الصناعة العسكرية على أطراف طهران ستكون هدف الضربات الإسرائيلية المرتقبة”.
نشرت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية تقريرا كشفت فيه أنّ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، طلب مِن الجيش الإسرائيلي تحديد “أهداف محتملة” للهجوم الإسرائيلي على إيران، على أن تشمل منشآت نووية أو هجوما سيبرانيا.
في تلك الزاوية، يرى يسري عبيد، الباحث في العلاقات الدولية لدى معهد البحوث والدراسات العربية، أنّ “طبيعة الرد الإسرائيلي ستكون مضبوطة ووفق موافقة أمريكية مدروسة بعناية، وهذا ما ترجمته الصحافة الأمريكية بقولها إنّ الرد الإسرائيلي سيكون محدودا كما فعلت طهران، ولن يزعج إيران إلى درجة إجبارها على الرد مرة أخرى”.
ويقول يسري عبيد، في حديث خاص لـ”الوئام”، إن “مِن بين السيناريوهات المحتملة داخليا، قد تشهد إسرائيل تعزيزات أمنية وتأمينا إضافيا للحدود والمواقع الحسّاسة، مِن ناحية أخرى، قد يؤدي الرد الإسرائيلي المحتمل لتصعيد المواجهات في المنطقة وزيادة التوترات بين الدول المعنية، وبالتالي قد تكون هناك مخاوف من انزلاق الأمور نحو صراع واسع النطاق”.
ويضيف الباحث في الشؤون الإقليمية أن “إسرائيل تعتبر إيران من أكبر التهديدات لأمنها واستقرارها؛ وعليه فإنّ الرد الإسرائيلي قد يشمل القيام بضربات عسكرية محددة ضد مواقع إيرانية في سوريا أو لبنان أو اليمن، وقد يتم تصعيد الصراع بين البلدين، لكن وبالتأكيد سيتم ضبطه أمريكيًّا”.