يُعرف “الجاثوم” في الثقافة الشعبية بشبح يزور النائمون، حيث يجلس على صدورهم، مانعًا إياهم من الحركة أو حتى التحدث. هكذا يتوارث العرب هذه الأسطورة، لكنهم ليسوا أصحابها، فقد تناقلتها الشعوب الأسيوية والغربية مع اختلافات طفيفة في تكون هذا الكائن الخرافي الذي يصدقون بوجوده.
أما فيما يختص بالعلم، فإنه يفسر هذه التجربة التي يختبرها البعض أثناء النوم وتستمر لفترة تتراوح ما بين ثوان إلى دقيقة، تحت ما يُسمى بـ”شلل النوم”، الذي تُظهر الدراسات أن 2% من الأشخاص يعانون منه مرة واحدة على الأقل في الشهر وفي أعمار مختلفة.
فما الذي نعرفه عن “الجاثوم” شلل النوم؟

يقول الدكتور أحمد باهمام، مدير المركز الجامعي لطب وأبحاث النوم في جامعة الملك سعود، إن النوم يمر بقسمين رئيسيين: مرحلة غير الأحلام ومرحلة الأحلام، التي تشكل من 20 إلى 25% من فترة النوم للشخص البالغ، وهي التي تعرف أيضًا بحركة العين السريعة (REM).
ويضيف “باهمام”، في لقاء مع برنامج “يا هلا” عبر فضائية “روتانا خليجية”، أن الشخص حين يدخل هذه المرحلة يتعرض جسده لما يُعرف علميًا بآلية ارتخاء العضلات أو “شلل النوم”، التي تجعل العضلات تفقد قدرتها على التحرك خلال الحلم، فيما عدا بعض العضلات الحركية الهامة مثل تلك المسؤولة عن التنفس وحركة العينين ومخرجات الجسم، موضحًا أن تلك الآلية هي في حقيقتها هبة ربانية حتى لا يؤذي النائم نفسه أو غيره حينما يحلم، حتى ولو كان الحلم في قمة النشاط الحركي.
اقرأ أيضًا: دراسة تحذر من قلة النوم: تسبب ارتفاع ضغط الدم
ويشير الدكتور “باهمام” إلى أن عندما يستيقظ الشخص من الحلم، فإن آلية ارتخاء العضلات تتوقف بشكل مباشر، وإن كان في بعض الحالات قد يستمر عملها لفترة لا تتعدى اللحظات بعد اليقظة، حيث يدرك الشخص هذا الشلل في حركته، ويكون مصحوبًا أحيانًا ببعض الهلوسات التي يفسرها لاحقًا بأشياء خرافية كالجن وغيره.
هلوسات الجاثوم 3 أنواع
وقد أوضحت الدراسات، وفق “باهمام”، أن هذه الهلوسات 3 أنواع، تتضمن: رؤية شخص غريب في الغرفة، أو الشعور بثقل على الصدر كما لو كان هناك شخص جالس على صدر النائم، أو حتى الشعور بأن الروح تخرج من الجسد. وهي ظواهر تحدث في هذه المرحلة لبعض الأشخاص ليس فقط في المجتمعات العربية، وإنما تنتشر بين مختلف المجتمعات الأخرى، وتعتبر جزءًا من الظواهر النفسية التي تستحق الدراسة والفهم.
الجاثوم ليس بين البشر فقط
وبينما يؤكد الدكتور “باهمام” أن هذا الشلل أثناء النوم -المعروف في الثقافات الشعبية بالجاثوم- ظاهرة جسدية ليست مقتصرة فقط على البشر بل معروفة في الحيوانات أيضًا، يلمح إلى أن عدم وجودها هو الاختلال في طبيعة النوم، وهذا قد يؤدي إلى بعض الحوادث، كأن يضرب الشخص من يشاركه السرير مثلًا أثناء نومه دون تحكم منه في تصرفاته، وذلك لأن آلية شلل النوم هنا توقفت.
أسباب الإصابة بالجاثوم
يوضح الدكتور “باهمام” أيضًا أن شلل النوم قد يحدث بشكل منفرد أو يكون مصاحبًا لبعض الحالات المرضية الأخرى، مثل اضطرابات النوم القهرية، بينما يمكن الحد من تكراره باستخدام بعض الأدوية التي تعالج حالات اضطرابات النوم القهرية.
يشير الدكتور “باهمام” كذلك إلى أن شلل النوم عادة ما يصيب الأشخاص الذين يعانون من الإجهاد وعدم النوم بأشكال منتظمة أو أولئك الذين اعتادوا النوم على ظهورهم، مضيفًا أن النوم على جانب الجسد يخفف من حدة الحالة، وأيضًا أن يفرك شخص لاحظ الحالة يد النائم المصاب بـ”الجاثوم”، وكذلك إذا حاول المصاب بهذه الحالة بنفسه لحظة إدراكه لها أن يوقظ نفسه بمحاولة تحريك شفتيه أو عينيه، مضيفًا أن علاج هذه الحالة ممكن بتدريب الشخص على إدراكها والتعامل معها، وفي حالات نادرة جدًا بالأدوية، لكن هذا ليس أمر واجب طبيًا.
وتخضع ظاهرة شلل النوم للدراسة والتحليل في مراكز طب النوم في السعودية، كما يلفت الدكتور “باهمام”، والذي يؤكد أن مشكلة شلل النوم أو “الجاثوم” ليست بالأمر الخطير ولم يثبت علميًا أنها تسبب أي مضاعفات خطيرة أو آثار عضوية، مضيفًا أن مجرد مشكلة فيسيولوجية تتطلب تفسيرًا علميًا واضحًا، وخلل بسيط يمكن فهمه وعلاجه بشكل مناسب.