على مدار تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، قادت السعودية الجهود للدفاع عن حق الشعب الفلسطيني ودعم مؤسساته الرسمية وتوفير المساعدات الإغاثية والدفع دبلوماسيًا بثقلها الإقليمي والدولي في اتجاه إقرار دولة تُمثل هذا الشعب على حدود العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وهو الأمر الذي ارتفعت وتيرته مع اندلاع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من أكتوبر الماضي.
حرب دبلوماسية على وقع أخرى غير عادلة
في أواخر نوفمبر الماضي، دعت الرياض إلى “القمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية”، حيث تم تكلّيف وزراء خارجية السعودية والأردن ومصر وقطر وتركيا وإندونيسيا ونيجيريا وفلسطين والأمينين العامين لجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، ببدء تحرك دولي فوري باسم جميع الدول الأعضاء في المنظمة والجامعة لبلورة تحرك دولي لوقف الحرب على غزة، وأجرت اللجنة عددًا من الزيارات لعواصم أوروبية ودولية فاعلة، فضلًا عن سلسلة من الاجتماعات.
اجتماع الرياض.. السعودية تقود التحشيد لحل الدولتين
استضافت الرياض كذلك، في أواخر أبريل الماضي، اجتماعًا عربيًا إسلاميًا أوروبيًا بمشاركة 19 دولة، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي لمناقشة “الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية”.
اقرأ أيضًا: محلل سياسي لـ”الوئام”: مواقف السعودية لمساندة فلسطين ثابتة على مدار التاريخ
وأسفرت هذه الجهود، التي قادتها السعودية، في 22 مايو الماضي إلى اعتراف تاريخي من النرويج وأيرلندا وإسبانيا بالدولة الفلسطينية، بينما أشارت عدة دول أوروبية أخرى إلى أنها تخطط لاعتراف مماثل، لأن حل الدولتين ضروري للسلام الدائم في المنطقة، وهو ما أكدت عليه السعودية في مناسبات عدة خلال الفترة الماضية ومنذ اندلاع الحرب في غزة، التي خلفت ما لا يقل عن 35,647 شهيدًا.
اقرأ أيضًا: محلل سياسي لـ”الوئام”: موقف السعودية ضد اجتياح رفح حاسم ويناصر فلسطين وشعبها
كما أعربت مالطا وسلوفينيا في مارس عن “استعدادهما للاعتراف بفلسطين” عندما “تكون الظروف مناسبة”. وطرحت أستراليا مؤخرا إمكانية تأييد إقامة دولة فلسطينية من جانب واحد.
وقال الرئيس إيمانويل ماكرون أيضا إن مسألة الاعتراف بدولة فلسطينية دون سلام تفاوضي لم تعد “من المحرمات بالنسبة لفرنسا”.
اجتماع بروكسل.. اتفاق أوروبي على الحل السعودي
وعقد، أمس الأحد، في العاصمة البلجيكية بروكسل اجتماع اللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية الإسلامية الاستثنائية المشتركة بشأن التطورات في قطاع غزة. وعقد هذا الاجتماع بدعوة من السعودية والنرويج، لبحث ضرورة تكثيف الجهود الدولية الرامية إلى الوقف الفوري والتام لإطلاق النار في غزة. وذلك بما يضمن حماية المدنيين، وإيصال المساعدات الإنسانية الكافية والمستدامة لجميع أنحاء القطاع.
وزير الخارجية: لا سبيل سوى حل الدولتين
وخلال كلمته، أكد وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان آل سعود أن الوضع الإنساني في غزة يتدهور بشكل غير مسبوق. وقال إن الأمر يستدعي الحاجة إلى وقف فوري لإطلاق النار في القطاع.
وأضاف وزير الخارجية أن هناك ضرورة قصوى لأن يبقى مسار حل الدولتين حيًا. ولفت إلى أن السعودية أعربت عن امتنانها للدول الأوروبية التي اعترفت بدولة فلسطين. كما تشجع باقي الدول الأوروبية على اتخاذ خطوات مماثلة.
وبينما أكد وزير الخارجية على ضرورة العمل على دعم السلطة الفلسطينية، أكد أن حل الدولتين ليس تهديدًا أمنيًا لإسرائيل. وأكد أن الطريق لحل الصراع يمر عبر هذا المسار المعني بحل الدولتين.
وعلى هامش هذا الاجتماع، عقد رئيس الحكومة الفلسطينية محمد مصطفى المشارك في الوفد، مؤتمرًا صحفيًا مع وزير خارجية إسبانيا خوسيه مانويل ألباريس. وستعترف إسبانيا، يوم الثلاثاء المقبل، رسميًا، بفلسطين، إلى جانب النرويج وأيرلندا.
ومن جانبه، انتقد مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل “سلطات الاحتلال الإسرائيلي” لفرضها إجراءات عقابية ضد السلطة الفلسطينية. كما أكد على الاتفاق الأوروبي مع التوجه السعودي حيال القضية الفلسطينية.
وأضاف بوريل: “نحن، الاتحاد الأوروبي، أكبر مانح دولي للمساعدات للشعب الفلسطيني وشريك طويل الأمد وداعم لبناء الدولة الفلسطينية”.
ومن جانبه، قال مانويل ألباريس: “لا أحد يمكنه ترهيبنا وردعنا عن القيام بما نراه مناسبًا”. كما أشار إلى أن حل الدولتين “يمثل السبيل الوحيد لإحلال الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة”.
وأكد رئيس الحكومة الفلسطينية أن الاعتراف “الآن بالدولة الفلسطينية يمثل السبيل الوحيد للحفاظ على أفق حل الدولتين”. وقال: “لقد حان الوقت كي يتجاوز الاتحاد الأوروبي مواقف إدانة إسرائيل، والعمل من أجل وقف الحرب”.