الوئام- خاص
يكشف تصاعُد تهديد تنظيم داعش الإرهابي في شمال الصومال عن قدرة التنظيم على التكيّف وإيجاد بيئات جديدة لاستمرار نشاطه الإرهابي، في ظل الضغوط الدولية والإقليمية التي تُواجهه في مناطق أخرى؛ مثل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
الجذور والدوافع
يقول رامي زهدي، خبير الشؤون الأفريقية، إن شمال الصومال، خاصة منطقة بونتلاند، كان ملاذا آمنا للجماعات المسلحة والتنظيمات الإرهابية، بسبب الطبيعة الجغرافية الوعرة، وغياب الدولة المركزية القوية، وانتشار الفقر والبطالة، فهذه البيئة الهشّة تُوفّر أرضية خصبة لداعش، لتوسيع نفوذه مِن خلال استغلال الخلافات المحلية، وتجنيد الشباب المحبطين، واستخدام الموارد غير المشروعة؛ مثل التهريب وعمليات الفدية.
ويضيف رامي زهدي، في تصريحات خاصة لـ”الوئام”، أن تصاعُد نشاط داعش في الصومال يُشكّل خطرا مباشرا على دول شرق أفريقيا؛ مثل كينيا وإثيوبيا وتنزانيا، إذ يُمكن أن يستخدم التنظيم هذه المنطقة كقاعدة لشن هجمات عابرة للحدود.
زعزعة الاستقرار
خبير الشؤون الأفريقية يلفت إلى أن منطقة القرن الأفريقي تعاني بالفعل أزمات إنسانية وأمنية معقّدة؛ مثل النزاعات الإثنية، والجفاف، وانعدام الأمن الغذائي، ووجود داعش يزيد من تعقيد المشهد الأمني ويهدّد جهود التنمية الإقليمية.
ويشير زهدي إلى أن قرب شمال الصومال من خليج عدن والبحر الأحمر، وهما من أهم الممرات البحرية العالمية، يُثير القلق بشأن احتمالية استهداف التنظيم للسفن التجارية، أو استخدام البحر كوسيلةٍ لنقل الأسلحة والمقاتلين، ما يؤثّر سلبا في التجارة الدولية، بما في ذلك إمدادات الطاقة والسلع الأساسية.
تهديد الأمن العالمي
ويوضّح أن تزايُد نفوذ داعش في الصومال يعني إمكانية انتقال التهديد إلى مناطقَ أخرى عبر شبكات التنظيم الدولية، مما يُعيد تنشيط الخلايا النائمة في أوروبا وآسيا وأمريكا الشمالية، وهو ما يُضيف تحديات جديدة للتحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، ويستدعي إعادة صياغة الاستراتيجيات الحالية لتشمل هذه الجبهة الجديدة.
وعن كيفيّة مواجهة تصاعُد تهديد داعش في شمال الصومال، يتابع الباحث السياسي أنه لمواجهته يجب اتّباع مقاربة شاملة، تشمل تعزيز التعاون الإقليمي، من خلال دعم الجهود المشتركة بين دول شرق أفريقيا في تبادل المعلومات الاستخباراتية ومكافحة تهريب الأسلحة والأفراد، ودعم الحكومة الفيدرالية الصومالية والمؤسسات الأمنية، لتحسين قدرتها على فرض الأمن والاستقرار في شمال البلاد.
التدفّقات المالية
“كما يجب على المجتمع الدولي تعزيز الرقابة على التدفّقات المالية غير المشروعة التي تغذّي نشاط داعش، والعمل على تفكيك شبكات التهريب، مع معالجة الأسباب الجذرية للإرهاب؛ مثل الفقر والبطالة، مِن خلال الاستثمار في التعليم والتدريب المهني وخلق فرص عمل للشباب”، وفق زهدي.
ويختتم تصريحاته ذاكرا أن تصاعُد تهديد داعش في شمال الصومال يُحتّم على المجتمع الدولي والإقليمي التحرّك السريع، لمنع تحوّل هذه المنطقة إلى بؤرة جديدة للإرهاب العالمي، فالتهديد لا يقتصر فقط على شرق أفريقيا، بل يمتدّ ليُشكّل خطرا حقيقيا على الأمن والاستقرار الدولي، مما يستوجب استجابة شاملة ومستدامة.