الدكتور سامح عادل – استشاري التدريب والتطوير المؤسسي
قرار انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ في ولايتَي الرئيس دونالد ترمب، سواء في الفترة الأولى أم الثانية، ترك آثارا متعددة على الأعمال التجارية داخل الولايات المتحدة وحول العالم. وبعيدا عن الأبعاد السياسية، دعونا نستعرض بعض التأثيرات الاقتصادية والإدارية لمجالات الأعمال.
التأثير في الأعمال بالولايات المتحدة
انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية، أدّى إلى تخفيف القيود البيئية على الصناعات الأمريكية، خصوصا في قطاعات مثل النفط والغاز والفحم.
بالنسبة إلى الشركات العاملة في هذه المجالات؛ مثل شركات الطاقة والتعدين، كانت النتيجة انخفاض التكاليف التنظيمية التي كانت تُفرض بموجب قوانين خفض الانبعاثات الكربونية.
أسهَم هذا في تعزيز القدرة التنافسية للشركات الأمريكية على المدى القصير، من خلال توفير التكاليف وزيادة الأرباح.
بالمقابل، تأثّرت الصناعات المعتمدة على الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وأيضا عدم وجود دعم سياسي وتنظيمي واضح لتلك القطاعات، أدى إلى تباطؤ الاستثمارات المحلية في التكنولوجيا الخضراء، مما وضع الشركات الأمريكية العاملة في هذا المجال في موقف صعب، مقارنة بنظيراتها في أوروبا وآسيا.
كما أن الانسحاب من اتفاقية باريس أضعف سوق الكربون العالمية، إذ تعتمد بعض الشركات الأمريكية على هذه السوق لبيع وشراء أرصدة الكربون، فضلا عن أن غياب الالتزام الأمريكي خفّض الطلب على هذه الأرصدة، مما أثّر في الشركات التي كانت تستفيد من هذه الآلية.
التأثير في الشركات العالمية
الشركات العالمية التي كانت تتوقع استثمارات أمريكية كبيرة في تقنيات خفض الانبعاثات أو مشروعات الطاقة النظيفة، ستواجه صعوبةً في تحقيق خططها المستقبلية، وبشكل عام، انسحاب الولايات المتحدة سيقلل من الزخم العالمي للاستثمار في التكنولوجيا المُستدامة.
أيضا، الشركات متعددة الجنسيات اضطرّت إلى التعامُل مع تفاوت واضح بين المعايير البيئية الأمريكية والمعايير في بقية الأسواق الكبرى؛ مثل الاتحاد الأوروبي، هذا التفاوت أضاف تعقيدا إداريا وماليا للشركات التي تعمل على الامتثال لقوانين متعددة.
كما أن انسحاب الولايات المتحدة سيخلق فجوة في قيادة السوق العالمية للطاقة المتجددة، وهو ما سيفتح الباب أمام دول أخرى؛ مثل الصين والاتحاد الأوروبي.
الشركات في هذه الأسواق عليها الاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة، مما سيؤدي إلى تعزيز مكانتها في الأسواق العالمية.
النظرة المستقبلية
الانسحاب الأمريكي من اتفاقية باريس سيترك أثرا كبيرا في بيئة الأعمال، إذ يمكن لبعض القطاعات التقليدية أن تستفيد على المدى القصير، لكن هذا جاء على حساب الابتكار والاستدامة.
وبالنسبة للشركات الأمريكية، هناك تحدٍّ مستمر يتمثل في موازنة المكاسب قصيرة الأجل مع الحاجة إلى الاستثمار في حلول مستدامة، لضمان التنافسية طويلة الأجل في الأسواق العالمية.
على المستوى العالمي، الدول والشركات التي تستثمر في التكنولوجيا الخضراء قد تكون الرابح الأكبر في سباق الاقتصاد المستدام، مما يضع ضغوطا على الولايات المتحدة لمواكبة هذا التحوّل في المستقبل.