خاص – الوئام
في لحظة فارقة من تاريخ العلاقات العربية، تبرز السعودية كراعية للسلام والاستقرار في منطقة شهدت تقلبات سياسية وأمنية على مدار السنوات الماضية.
زيارة رئيس الجمهورية العربية السورية، أحمد الشرع، إلى الرياض، التي اختارها لتكون وجهته الخارجية الأولى بعد توليه السلطة، تحمل بين طياتها رسائل سياسية ودبلوماسية تعكس عمق التقدير السوري لمكانة المملكة على الساحة الدولية، واعترافًا بدورها المحوري في تعزيز أمن المنطقة واستقرارها.
صفحة جديدة
تعكس هذه الزيارة توجه سوريا الجديد نحو فتح صفحة جديدة مع دول الخليج، كما تُعد خطوة أولى نحو بناء جسور من الثقة والشراكة مع المملكة، التي لطالما كانت لاعبًا محوريًا في تاريخ المنطقة، خاصة في ظل التحديات العديدة التي تواجهها سوريا في مرحلة ما بعد الحرب.
في هذا الصدد، ترى الدكتورة تمارا حداد، الأكاديمية والباحثة السياسية، في تصريحات خاصة لـ”الوئام”، أن زيارة الشرع إلى السعودية جاءت في توقيت مهم يؤسس لمرحلة جديدة في منطقة الشرق الأوسط.

وتشير حداد إلى أن أهمية زيارة الشرع للمملكة تتجلى في أكثر من مجال ولها عدة دلالات، أولها أنها تؤكد الدور المحوري الذي تضطلع به المملكة العربية السعودية في تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي، ما يعكس أهمية العلاقات السورية السعودية على مختلف الأصعدة.
دلالة أخرى
وترى حداد أن للزيارة دلالة أخرى، إذ تعكس عودة سوريا إلى الحضن العربي، حيث تتصدر السعودية قائمة الداعمين لسوريا، لا سيما في إعادة العلاقات العربية، انطلاقًا من دورها الريادي في العالمين العربي والإسلامي.
وتضيف حداد أن السعودية تمتلك قدرة كبيرة على تعزيز الاقتصاد السوري، إذ يمكنها المساهمة في إعادة إعمار سوريا، فضلًا عن فرص الاستثمار البيني السعودي السوري، وتعزيز المصالح المشتركة بين البلدين، واستثمار الموقع الجغرافي والاستراتيجي لسوريا، التي تمتلك موانئ حيوية على البحر المتوسط.
كما تعكس هذه الزيارة انفتاح سوريا على التعاون الإقليمي والتنسيق مع السعودية في العديد من الملفات، مثل الاستقرار السياسي والأمني، ودعم العملية السياسية الانتقالية التي تسعى إلى تلبية تطلعات الشعب السوري.
نقلة نوعية في تاريخ العلاقات
تمثل الزيارة تجسيدًا للموقف الثابت للمملكة تجاه دعم سوريا وشعبها، وتعزيز خياراتها في بناء مستقبل آمن ومستقر، وفق ما يراه سركيس أبوزيد، المحلل السياسي اللبناني والباحث في الشؤون الدولية.

ويؤكد أبوزيد، في تصريحاته لـ”الوئام”، أن زيارة الشرع إلى السعودية “مهمة جدًا”، إذ تعكس رغبة أكيدة من القيادة السورية في تعزيز علاقاتها مع المملكة، وهو ما يؤكد الدور العروبي الكبير الذي تمثله الدولة السورية، ما يجعل هذه الزيارة نقلة نوعية في تاريخ العلاقات السورية السعودية.
ويضيف أبوزيد أن الزيارة تمهد لعودة سوريا مجددًا إلى علاقات أرحب وأكثر قوة مع المحيط العربي والدولي، مشيرًا إلى أن الرئيس الشرع يدرك أهمية السعودية باعتبارها دولة ذات دور ريادي ومؤثر على المستويين الإقليمي والدولي، ما يمكنها من مساعدة سوريا في تجاوز التحديات الاقتصادية وتلطيف الأجواء السياسية مع العديد من الدول، نظرًا لما تمتلكه المملكة من أدوات وثقل دولي.
ويتابع أبوزيد قائلًا: “هناك إدراك واضح من القيادة السورية بقيادة الشرع لأهمية تعزيز العلاقات مع السعودية، نظرًا لما تمتلكه المملكة من أدوات سياسية واقتصادية، فضلًا عن شبكة علاقاتها الدولية، التي يمكن أن تساهم في إعادة سوريا إلى الساحة الإقليمية والدولية، وتصحيح مسارها الاقتصادي رغم التحديات القائمة”.
تقدير القيادة السورية للمملكة
من جانبه، يرى المحلل السياسي محمد عبد اللطيف، في حديثه لـ”الوئام”، أن زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى السعودية تمثل خطوة دبلوماسية مهمة في توقيت حساس، إذ تعكس رغبة سوريا في إعادة بناء العلاقات مع دول الخليج، خاصة السعودية، التي تُعد لاعبًا أساسيًا في المنطقة.

ويؤكد عبد اللطيف أن هذه الزيارة قد تفتح آفاقًا جديدة للسلام والاستقرار في سوريا والمنطقة بشكل عام، كما تعكس الدور المحوري الذي تؤديه السعودية في دعم الاستقرار الإقليمي.
ويتابع عبد اللطيف: “من جهة أخرى، تعكس الزيارة تقدير القيادة السورية الجديدة لمكانة المملكة على الساحة الدولية، إلى جانب تعزيز التعاون المشترك في الملفات السياسية والأمنية والاقتصادية. وإذا تم استثمار هذه الزيارة بشكل صحيح، فقد تسهم في تحقيق الاستقرار المنشود لسوريا والمنطقة بعد سنوات من النزاع والصراع”.