تُعتبر السعودية من بين الاقتصادات الأقل عرضة للمخاطر العالمية في الشرق الأوسط، وذلك بفضل استراتيجياتها الاقتصادية المتنوعة والمرنة، حيث تعمل على تقليل اعتمادها على النفط من خلال تنفيذ رؤية 2030، التي تهدف إلى تطوير قطاعات غير نفطية مثل السياحة والتقنية والصناعة، مما يعزز من استقرار الاقتصاد ويحد من تأثير التقلبات في أسعار النفط العالمية.
استقرار الأداء الاقتصادي رغم التحديات العالمية
عقد مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية اجتماعًا استعرض خلاله التقرير الاقتصادي الدوري لشهر يناير، الذي أعدته وزارة الاقتصاد والتخطيط. تضمن التقرير تحليلًا للتطورات الاقتصادية العالمية، وأبرز التوقعات لنمو الاقتصاد العالمي، بالإضافة إلى تأثير التغيرات السياسية والاقتصادية على الأسواق الناشئة وانعكاساتها على الاقتصاد السعودي.
اقرأ أيضًا: الأسهم الآسيوية ترتفع بعد تأجيل رسوم ترمب الجمركية
وأظهرت المؤشرات الاقتصادية استقرارًا في الأداء الاقتصادي رغم التحديات العالمية، بما في ذلك تقلبات التجارة الدولية والأوضاع الجيوسياسية، مدعومًا بنمو الإنفاق الاستهلاكي والقطاع الخاص، بما يتماشى مع أهداف رؤية 2030.
نظرة مستقبلية مستقرة
في تقرير حديث لوكالة “فيتش”، أكدت الوكالة تصنيفها الائتماني للمملكة عند مستوى A+ مع نظرة مستقبلية مستقرة. وأشارت إلى أن هذا التصنيف يعكس قوة المركز المالي للسعودية، حيث تتفوق نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي وصافي الأصول الأجنبية السيادية على متوسط التصنيفات “A” و”AA”، بالإضافة إلى وجود احتياطات مالية كبيرة في صورة ودائع وغيرها من أصول القطاع العام.
وأشارت إلى أن صافي الأصول الأجنبية السيادية سيصل إلى 63.7% من الناتج المحلي الإجمالي خلال عامي 2024-2025، وهو أعلى بكثير من متوسط التصنيف “A” البالغ 8.7%.
وأكدت الوكالة استمرار المملكة في تنفيذ الإصلاحات المالية التي تعزز مرونة الميزانية العامة في مواجهة تقلبات أسعار النفط، متوقعة نموًا قويًا في قطاع الصادرات غير النفطية، مع تراجع العجز في ميزان الخدمات، مدفوعًا بالنمو السريع في قطاع السفر.
اقتصاد أقل عرضة للمخاطر
في ديسمبر الماضي، توقعت شركة “أليانز للأبحاث” نمو الاقتصاد السعودي بنسبة 4.3% في عام 2025 و4.1% في عام 2026، مشيرة إلى أن الاقتصاد السعودي يعد من بين الأقل تعرضًا لمخاطر الديون والسيولة في المنطقة.
وانضمت “أليانز” إلى قائمة المؤسسات التي تتوقع نمو الاقتصاد السعودي بأكثر من 4% خلال العامين المقبلين، مدعومًا بنمو القطاع غير النفطي، مما يعكس قوة الاقتصاد واستمرار نجاح سياسات رؤية 2030.
اقرأ أيضًا: القطاع الخاص غير النفطي بالسعودية يسجل أعلى مستوى له منذ 2014
ووفقًا لتقرير “أليانز” الذي حمل عنوان “التوقعات الاقتصادية 2025-2026: تحدي الجاذبية”، فإن توقعات النمو في السعودية تفوق المتوسط العالمي البالغ 2.8% لعامي 2025 و2026، كما تفوق متوسط النمو المتوقع لمنطقة الشرق الأوسط البالغ 3% لعام 2025 و3.2% لعام 2026.
تحسين التصنيف الائتماني
في 22 نوفمبر الماضي، رفعت وكالة “موديز” للتصنيف الائتماني تصنيف السعودية إلى Aa3، مع تغيير النظرة المستقبلية إلى “مستقرة” بدلًا من “إيجابية”. كما رفعت الوكالة تصنيف برنامج السندات متوسطة الأجل بالعملة المحلية والأجنبية للمملكة إلى Aa3 من A1، مع تغيير النظرة المستقبلية إلى “مستقرة”.
وأوضحت “موديز” أن تحسين التصنيف الائتماني يعكس التقدم المستمر للمملكة في تنويع الاقتصاد، والنمو المتصاعد للقطاع غير النفطي، مما يقلل من ارتباط الاقتصاد بتقلبات أسواق النفط. كما أشادت الوكالة بالإدارة المالية الحكيمة للحكومة، والتزامها بتحسين كفاءة الإنفاق، واستثمار الموارد المالية المتاحة لتعزيز التنمية المستدامة للقطاع غير النفطي.
وتوقعت “موديز” أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للقطاع الخاص في السعودية بنسبة تتراوح بين 4-5% في السنوات القادمة، وهي من بين أعلى معدلات النمو في دول مجلس التعاون الخليجي، مما يعكس استمرار التقدم في تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.