الدكتور محمد عبدالله – أخصائي التربية السلوكية والنفسية وثقافة الأطفال
يعد تقليد الأصوات ضمن الطرق التي يبدأ بها الطفل اكتساب اللغة، كما يعد تقليد الأصوات حجر الزاوية في بناء المفردات والقدرة على التواصل لدى الأطفال.
ومنذ اللحظات الأولى بعد الولادة، يبدأ الطفل في استقبال الأصوات من حوله، لا سيما الوالدين.
وفي البداية، تكون قدرة الطفل على التفاعل مع الأصوات محدودة، ولكنه يبدأ تدريجيًا في تقليد الأصوات التي يسمعها مع اكتمال نمو جهاز النطق لديه، وهي المرحلة الأولى في رحلة تعلم اللغة.
هذه الأصوات قد تكون إلى جانب أصوات البشر المحيطين به، وربما تكون أصوات الطبيعة، مثل الأصوات التي تصدر عن الحيوانات، كأصوات القطط والكلاب، وحتى أصوات وسائل النقل المحيطة به، وقد يبدأ الطفل بتقليد النغمة والإيقاع في طريقة حديث من حوله.
يعد التقليد الصوتي من أهم الأساليب التي يبدأ من خلالها الطفل في بناء مخزونه اللغوي، فعندما يسمع الطفل الكلمة ويقوم بتقليدها، فإن عقله يبدأ في ربط هذه الكلمات بالمعاني المرتبطة بها، على سبيل المثال، عندما يسمع الطفل كلمة “ماما” ويكررها، يبدأ في إدراك أن هذه الكلمة تشير إلى والدته.
أيضاً عندما يكرر الطفل الأصوات والكلمات، فإنه ليس فقط يتعلم كيفية نطقها بشكل صحيح، ولكن يطور قدرته على التواصل مع الآخرين؛ فالتواصل ليس مجرد نطق للكلمات، بل يشمل القدرة على التعبير عن الأفكار والمشاعر.
لا يقتصر تقليد الأصوات على النطق فقط، بل يشمل أيضًا الاستماع، ويبدأ الطفل في تحسين قدراته على التمييز بين الأصوات المختلفة وتعلم كيفية فهم السياقات التي تنطوي عليها هذه الأصوات؛ فالتواصل يتطلب أكثر من مجرد نطق الكلمات؛ يجب أن يكون هناك فهم لكيفية استخدام هذه الكلمات في مواقف متنوعة.
ختاماً، كلما كان التفاعل مع الآخرين أكبر، كلما زادت فرص الطفل في تقليد الأصوات بشكل أكثر فعالية.
وكلما كانت البيئة التي يعيش فيها الطفل مليئة بالأصوات والنشاطات اللغوية، كلما ساهم ذلك في جعل الطفل أكثر استعدادًا لتعلم الكلمات وتطوير مهاراته الصوتية.