الوئام – خاص
يمتد التعاون الثنائي بين المملكة وأمريكا في قطاع الطاقة ليشمل العديد من المجالات في مقدمتها النفط، والغاز الطبيعي، والصناعات البتروكيميائية، وكذلك الطاقة النظيفة حيث يتعاون الجانبان في مجالات إدارة الكربون، وتقنيات الهيدروجين.
زيادة الاستثمارات المشتركة
ويعتبر التعاون بين البلدين جزءًا من العلاقات الاقتصادية الراسخة والمتطورة حيث يبلغ حجم الاستثمارات السعودية في الولايات المتحدة أكثر من 570 مليار دولار بحسب ما أعلن وزير الاستثمار خالد الفالح خلال جلسة حوارية لمؤسسة مبادرة مستقبل الاستثمار التي عقدت في ميامي فبراير الماضي.
كما أكد الفالح أن 25% من الاستثمارات الأجنبية المباشرة الموجودة في المملكة جاءت من الولايات المتحدة.
أما ياسر الرميان، محافظ صندوق الاستثمارات العامة، فقد أكد أن 40% من الأموال السعودية المستثمرة عالمياً يتم توظيفها في الولايات المتحدة، وتستهدف السعودية التوسع في هذه الاستثمارات خلال السنوات القليلة المقبلة.
التعاون في قطاع الطاقة
وخلال حديثه لوسائل الإعلام في مقر وزارة الطاقة بالرياض، أشاد وزير الطاقة الأمريكي كريس رايت، بما تمتلكه المملكة من موارد للطاقة الجديدة وعلى رأسها الطاقة الشمسية، مثنيًا على التطور الفعال والمدروس لموارد الطاقة، مؤكدًا أهمية تشجيع الاستثمار بين البلدين.
وفي اجتماع سابق بين وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان ونظيره الأمريكي، تم التأكيد على أهمية التنسيق المستمر وتبادل الخبرات لتعزيز جهود التحول نحو أنظمة طاقة أكثر استدامة وكفاءة.
اتفاقية تاريخية في الطاقة النووية
كما أشار وزير الطاقة الأمريكي إلى قرب توقيع اتفاقية تعاون شاملة في مجال الطاقة، والتي قد تشمل تطوير الطاقة النووية التجارية في المملكة.
فبحسب الوزير الأمريكي “السعودية تمتلك موارد معدنية مهمة، بما في ذلك اليورانيوم، ولديها رغبة واضحة في توسيع قدراتها على إنتاج الطاقة من خلال مصادر نووية سلمية”
وأكد رايت استعداد الولايات المتحدة للتعاون مع المملكة في هذا المجال حيث قال إن بلاده “تمتلك خبرة طويلة في تطوير تقنيات الطاقة النووية التجارية”
مستقبل النفط
وتعد السعودية أكبر الدول التي تصدر النفط بكل أنواعه إلى الولايات المتحدة، حيث استوردت أمريكا قرابة 127.3 مليون برميل من النفط السعودي خلال 2023، بلغت قيمتها 13.7 مليار دولار أو ما يعادل 51.5 مليار ريال سعودي.
ويتوقع الوزير الأمريكي نمو الطلب العالمي على النفط بوتيرة أسرع من المتوقع خلال السنوات القليلة المقبلة مشيرًا إلى أن “التوقعات للمملكة مشرقة للغاية”.
وأشار إلى أنه “لا يُمكن إعاقة نظام الطاقة الحالي أو عرقلته أو الوقوف في طريقه” ما يرفع الآمال بمزيد من الاستثمارات المشتركة في مجال النفط والطاقة التقليدية والمتجددة في نفس الوقت، حيث تسعى البلدان إلى تعزيز الشراكات والاستثمارات في مجالات مثل النفط، الغاز الطبيعي، الطاقة الشمسية، وتخزين الطاقة.
اتفاقيات ثنائية وتعاون مستمر
وتشمل الاتفاقيات بين المملكة والولايات المتحدة في مجال الطاقة عدة مجالات رئيسية نذكر منها ما يلي:
- خارطة طريق للتعاون في الطاقة: في 16 مايو 2024 شهدت الرياض التوقيع على خارطة طريق للتعاون بين البلدين، في مجالات الطاقة النظيفة، بما في ذلك الهيدروجين النظيف، والاقتصاد الدائري للكربون، وتقنيات التقاط الكربون وتخزينه.
وجاءت هذه الخارطة في إطار الخطة التنفيذية المشتركة الأوسع للتعاون بين البلدين تحت إطار اتفاقية الشراكة في مجالات الطاقة النظيفة الموقعة قبل عدة سنوات، بين البلدين حيث وضعت جدولاً زمنياً للمشروعات ذات الأهمية المشمولة بالتعاون.
- اتفاقية الشراكة في مجالات الطاقة النظيفة : خلال زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى المملكة في يوليو 2022، تم توقيع عدة اتفاقيات ومذكرات تعاون تشمل مجالات الطاقة، والاستثمار، والاتصالات، والفضاء، والصحة.
ومن بين هذه الاتفاقيات اتفاقية الشراكة في مجالات الطاقة النظيفة التي تتضمن التعاون في مجالات الطاقة النظيفة، والهيدروجين، والاقتصاد الدائري للكربون، وحلول الطهي النظيف، وخفض الانبعاثات، والبحث والتطوير، وتقنيات التوليد النظيف للكهرباء.
كما أن إطار الشراكة بين البلدين، يتيح الفرصة للمزيد من التعاون في مجالات أخرى، بما يتفق مع سياسات البلدين، وأنظمتهما، والتزاماتهما الدولية حيث تم الاتفاق على تعزيز البحث والتطوير المشترك في مجالات التقنيات الجديدة، وبناء القدرات البشرية من خلال التدريب وتبادل الخبرات
نتائج إيجابية
ويؤثر هذا التعاون بشكل إيجابي على اقتصاد البلدين من عدة نواحٍ نبرز منها ما يلي:
- تعزيز الاستثمارات: حيث تسهم هذه الاتفاقيات في جذب استثمارات ضخمة من الشركات الأمريكية إلى السوق السعودي، مما يدعم رؤية المملكة 2030 ويعزز التنويع الاقتصادي، على سبيل المثال، هناك أكثر من 500 شركة أمريكية تعمل في المملكة، فيما وصل عدد المشروعات المشتركة إلى 609 مشروعات تصل قيمة الاستثمار فيها إلى نحو 62 مليار دولار.
- خلق فرص عمل: بطبيعة الحال فإن هذه الشراكات تؤدي إلى خلق آلاف الوظائف في كلا البلدين، سواء من خلال المشروعات المشتركة أو من خلال توطين الصناعات في المملكة، مثل تصنيع الطائرات والأسلحة الذكية.
- نقل التكنولوجيا: يتيح التعاون المشترك إمكانية تبادل المعرفة ونقل التكنولوجيا المتقدمة من الولايات المتحدة إلى المملكة، مما يعزز الابتكار والتطوير في القطاعات الحيوية مثل الطاقة المتجددة والصناعات البتروكيماوية.
- زيادة التبادل التجاري: حجم التبادل التجاري بين البلدين يعكس قوة الشراكة الاقتصادية، حيث بلغ إجمالي التجارة الثنائية 29.7 مليار دولار أي ما يعادل 112 مليار ريال سعودي في 2023، فيما بلغ إجمالي صادرات السعودية إلى الولايات المتحدة حوالي 60 مليار ريال.
- استقرار أسواق الطاقة: التعاون في مجال الطاقة يسهم في استقرار أسواق النفط والغاز، مما يعود بالنفع على الاقتصاد العالمي ويعزز مكانة البلدين كمزودين رئيسيين للطاقة، خاصة مع التوافق السعودي الأمريكي على أهمية مصادر الطاقة التقليدية وأهميتها جنبًا إلى جنب مع تطوير مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة.