التكامل بين البرامج والسياسات

يعتقد الكثير أن الخطط تنتهي بانتهاء وضع الرؤية والأهداف الاستراتيجية، وما رسم الرؤى وتحديد الأهداف إلا أبسط إجراء يمكن أن تقوم به الدول أو المؤسسات، فوجود رؤية وهدف استراتيجي لا يعني تحققهما، بل هي الخطوة الأولى والأساسية في مرحلة البناء والنمو والتنمية والتطور، ويعقبها خطوات أخرى متسلسلة ومتتابعة ومتكاملة تنتهي بالأهداف التنفيذية والخطط التشغيلية.

ويظل التحدي الأبرز والأهم لكل القيادات في كل المستويات هو تصميم البرامج والمشاريع التي تحقق الرؤية والأهداف الاستراتيجية، ويمكن تصميم العديد من البرامج، ولكن التساؤل المهم للغاية هل تلك البرامج تحقق الهدف المطلوب أو أنها تصبح هدراً يعيق تحقيق التقدم والتطور.

ويأتي هنا دور السياسات في ضبط وتصميم وتوجيه البرامج التوجيه السليم والصحيح لتحقيق الأهداف الاستراتيجية، فما هي السياسات؟ وما علاقتها بالبرامج والأهداف؟

فالسياسات هي الاختيارات الأنسب من بين عدد من البدائل لتنفيذ البرامج والمشاريعالتي تحقق الرؤية والأهداف.

والسياسات هي مجموعة من المبادئ والمفاهيم التي توضع لتستهدي بها مختلف المستويات الإدارية عند اتخاذها للقرارات، فيلاحظ أن اتخاذ القرارات لدى القائد وصاحب الصلاحية لا يكون عشوائياً أو ارتجالياً، بل يكون في ضوء سياسات تحدد الإطار العام لذلك.

والسياسات هي إرشاد وتوجيه اتخاذ القرار في مختلف المستويات الإدارية، والسياسات تُترجم الأهداف إلى لغة سهل يمكن لكل العاملين تحقيقها وتنفيذها بسهولة ووضوح.

وتوضح السياسات الطريق ومعالمه الأساسية أمام كل الإدارات التنفيذية بما يؤدي إلى زيادة كفاءتها عند تطبيق هذه السياسات، وتنفيذ البرامج.

وتبرز أهمية السياسات للبرامج في النقاط التالية:

- توحيد جهود الإدارة.

- توضح الأهداف بشكل دقيق وتسهم في سرعة تحقيقها.

- تحقق الترابط بين الوحدات المختلفة.

- تحقق التوازن والتكامل بين الأهداف والبرامج والمشاريع.

- تعتبر السياسات وسيلة من وسائل تحقيق الرقابة وتقييم البرامج.
- تسهم في رفع الأداء وتحسينه باستمرار.

- تعمل على تحقيق الجودة في أداء الأعمال للبرامج.
وغير ذلك من الأهمية التي تؤكد على ضرورة صُنع سياساتتضمن تنفيذ البرامج والمشاريع وفق الأهداف المرسومة.

ويتطلب صُنع السياسات عدد من الشروط والمحددات التي من أهمها:

- المرونة، بحيث تتلاءم السياسات مع المتغيرات التي تحدث في البيئة وتؤثر على البرامج وتنفيذها.

- الترابط، بمعنى أن يكون هناك ترابط بين السياسات والأهداف، وبين السياسات وبعضها البعض، وأن تتكامل السياسات الرئيسية مع السياسات الفرعية.

- ينبغي أن تكون السياسات متميزة عن القواعد والإجراءات.

- يجب أن تكون السياسات واضحة وبعيدة عن الغموض.

ومن خلال تقييمي للعديد من البرامج التي تقدمها بعض المؤسسات والشركات الحكومية والخاصة يتضح أمران، إما عدم وجود سياسات لتنفيذ البرامج وفق الأهداف المرسومة، أو وجود سياسات لا تخدم العمليات التنفيذية للبرامج والمشاريع.

فالسياسات هي الإطار العام التي تعمل من خلاله البرامج والمشاريع.

ويتطلب صنع السياسات أشخاص تمتلك القدرة الإدارية والتخطيطية والفكر الاستراتيجي والرؤية البعيدة والشاملة التي من خلالها ترسم السياسات بحكمة واتزان في ضوء الرؤية والأهداف الاستراتيجية.

*أستاذ الإدارة والتخطيط الاستراتيجي المشارك