مصر.. المفتي ينظر في “إعدام” راهبين في قضية مقتل رئيس دير بوادي النطرون

قضت محكمة جنايات، بجمهورية مصر العربية، اليوم، بتحويل أوراق راهبين إلى فضيلة مفتي الديار المصرية، لأخذ الرأي الشرعي في إعدامهما، بتهمة قتل رئيس دير بوادي النطرون، الواقعة على أطراف الصحراء الغربية، أواخر الشهر الماضي.

وقررت محكمة جنايات دمنهور إحالة أوراق راهبين إلى المفتي لأخذ الرأي الشرعي في إعدامهما لإدانتهما بقتلالأنبا إبيفانيوس، أسقف دير أبو مقار بوادي النطرون، وحددت المحكمة جلسة 24 أبريل المقبل للنطق بالحكم.

 

الإحالة إلى المحكمة

كان النائب العام نبيل صادق أمر بإحالة الراهبين إلى المحاكمة الجنائية، بتهمة قتل رئيس دير الأنبا مقار بوادي النطرون عمدا مع سبق الإصرار والترصد.

وأحال صادق كلا من وائل سعد وهو راهب جردته الكنيسة القبطية الأرثوذكسية عقب الحادث، وكان يعرف كنسيا باسم أشعياء المقاري، والراهب فلتاؤس المقاري، واسمه قبل الرهبنة ريمون رسمي منصور، إلى محكمة الاستئناف، بمحافظة الإسكندرية، بشمال البلاد، لمحاكمتهما بجلسة عاجلة.

وذكر بيان النيابة العامة أن التحقيقات التي أجرتها نيابة استئناف الإسكندرية "كشفت عن قيامهما بقتل المجني عليه الأنبا إبيفانيوس أسقف ورئيس دير الأنبا مقار بوادي النطرون" يوم 29 يوليو.

تفاصيل الجريمة

وتابع: "أقر المتهم الأول بالتحقيقات بأنه على إثر خلافات هو والمتهم الثاني مع المجني عليه الأنبا إبيفانيوس، اتفقا على قتله، وكان ذلك منذ شهر سابق لتاريخ الواقعة".

وأوضح البيان أن سعد سدد ثلاث ضربات متتالية على مؤخرة رأس الأنبا إبيفانيوس بماسورة حديدية "قاصدا إزهاق روحه" وهو في طريقه من سكنه إلى كنيسة الدير لأداء صلاة قداس الأحد، بينما راقب الراهب فلتاؤس الطريق و"شد من أزر شريكه".

ووفقا للبيان، فإن تقرير الصفة التشريحية أثبت أن وفاة الأنبا إبيفانيوس نتجت عن "الإصابات الرضية والقطعية بالرأس وما صاحبها من تهتك وكسور ونزيف بالجمجمة".

 

أول الحكاية

استيقظ رهبان دير الأنبا مقار في صحراء وادي النطرون بمحافظة البحيرة، على بعد نحو 110 كيلومترات شمال غربي القاهرة،على نبأ مقتل أسقف ورئيس الدير الأنبا أبيفانيوس، الذي أقره قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، وهو ما أعاد الحزن مجددًا للدير بعد نياحة الأب متى المسكين، صاحب شروحات الإنجيل والكتب العقائدية.

ودفع مقتل الأنبا إبيفانيوس (64 عاما) الكنيسة القبطية الأرثوذكسية إلى فرض إجراءات صارمة جديدة تتعلق بالرهبنة، وشملت تجميد قبول رهبان جدد، وحظر مغادرة الرهبان للأديرة من دون إذن رسمي، ومنع استخدام رجال الدين لوسائل التواصل الاجتماعي، ومنذ ذلك الحين، أغلق البابا تواضروس الثاني ورجال دين آخرون حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.

مراحل المحاكمة

بدأت جلسات المحاكمة في 23سبتمبر 2018، واستمرت خلال سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر، تخللها محاولة انتحار الراهب فلتاؤوس المقاري، وحضوره الجلسات محمولا نظرا لحالته المرضية.

وفي سادس الجلسات بتاريخ 22 ديسمبر، قررت المحكمة تشكيل لجنة ثلاثية من الأطباء النفسيين بالمجلس الإقليمي للصحة النفسية بمحافظة الإسكندرية، للانتقال إلى محبس المتهم فلتاؤس المقاري بسجن برج العرب، لتوقيع الكشف الطبي النفسي عليه لبيان مدى سلامته النفسية، ومدى قدرته على الإدراك، وما إذا كان مصابًا بمرض نفسي أفقده الشعور أو الإدراك أو الاختيار وقت محاولته الانتحار من عدمه.

 

المفاجأة "الفصل الأخير"

في 31 يناير 2019، شهدت الجلسة الثامنة مفاجأة، بعدما قدم دفاع المتهمين صورًا فوتوغرافية وفيديو، يوضح واقعة قتل الأنبا أبيفانيوس، وذلك لأول مرة خلال جلسات القضية.

وقال أعضاء فريق الدفاع، إن صور الواقعة والفيديو، التي وصلت إلى زوج شقيقة المتهم الثاني من راهب بالدير توضح خروج جزء من مخ المجني عليه، وهو ما يتعارض بهذه الصورة مع الأداة المستخدمة "أسطوانة حديدية" المذكورة في التحقيقات.

وطلب الدفاع استدعاء طبيب شرعي، للإدلاء برأيه الفني، عقب ظهور أدلة جديدة، في ذات الجلسة قررت المحكمة حجز القضية إلى جلسة 23 فبراير المقبل للنطق بالحكم فيها.

أسباب مقتله

الأنبا أبيفانيوس رئيس دير الأنبا مقار تولى خلفا للأنبا ميخائيل أسقف أسيوط بعد قضائه 65 عامًا في خدمة رئاسة الدير، وبعد وفاة البابا شنودة في مارس 2012، طالب رهبان الدير بعودة الأنبا ميخائيل رئيسًا للدير، ووافق وعاد لرئاسته مرة أخرى في نهاية أبريل 2012، ثم استقال من منصبه مرة أخرى بشكل نهائي، وتولى من بعده الأنبا أبيفانيوس منذ 10 مارس 2013.

وفتحت قضية اغتيال أبيفانيوس أبوابا واسعة للجدل حول أسباب ودوافع ارتكابها؛ ففي حين رجحت مصادر تميل إلى وجود شبهة جنائية في وفاة الأنبا ابيفانيوس، أن يكون ورائها رهبانا مغضوب عليهم، لا سيما أن الكنيسة قالت من قبل إن سعد خضع لتحقيقات بشأن مخالفاته المستمرة منذ فترة طويلة لواجباته كراهب.

بينما رأي متخصصون في الشأن المسيحي المصري أن مقتل رئيس الدير فتح بعد 13 عاما من رحيل الأب متى المسكين، مجالا لخلافات عقائدية واسعة، واختلافات بين الشباب والشيوخ من الرهبان حول أساليب الإدارة.