فلسفة النظام

تقوم حياة البشر على سلسلة ومجموعة من العلاقات والتعاملات تضمن وضوح الحقوق والواجبات، وتلبي الاحتياجات، وتحقق العدالة وتكافؤ الفرص.

والنظام هو الذي يقوم على تنظيم وترتيب العلاقات والتعاملات بين الناس، النظام بمفهومه الشامل الذي يشمل الأنظمة والتنظيميات واللوائح والقوانين وآلية تطبيقها وتنفيذها؛ لذا فإن عملية بناء وتصميم الأنظمة وتطويرها تتطلب لجان متخصصة محترفة، تتطلب رؤية شاملة متعمقة، تتطلب تكامل وتناسق بين أجزائها ومكوناتها المختلفة.

وقد يسأل الكثير لماذا يفشل النظام مع أن تصميمه وشكله يوحي بأن النظام جيد، هذا التساؤل هو الذي دفعني لكتابة المقال؛ لأوضح الأبعاد المختلفة لتصميم وبناء النظام.

لكل نظام فلسفة يقوم عليها، فلسفة يُدركها القائمون والمعنيون بتصميم الأنظمة، فلسفة تتصف بالشمول والترابط بين كل مكونات النظام، فلسفة ترتكز على العناصر التالية:

- الغاية من تصميم النظام؛ حيث تعتبر تلك الغاية هي الموجه الحقيقي لبناء وتكوين النظام، حتى لو كانت الغاية من تصميم النظام غير معلنة أو غير واضحة بكل أبعادها للقائمين على بناء النظام، فإنها تظهر وتتضح للمختصين والمستفيدين منه؛ فإن كانت غاية النظام وهدفها خدمة المستفيدين وتطويرهم وتحقيق أهدافهم نجح النظام ولو وُجِد قصور في بعض أجزائه، والعكس صحيح؛ بمعنى أن النظام يفشل باختلاف غايته حتى لو كان تصميمه متقن.

- أسس ومنطلقات بناء وتصميم وتكوين النظام، فلكل دولة ومجتمع أسس ومنطلقات يستند عليها تصميم النظام، فنظام التعليم أو الجوازات أو المرور في دولة يختلف عن دولة أخرى؛ نتيجة لاختلاف أسس ومكونات النظام والتي منها النظام السياسي والاقتصادي للدولة، ثقافة المجتمع، العوامل الجغرافية للبلد، التركيبة الديموغرافية للسكان وغيرها من الأسس والأبعاد.

- التكامل والترابط والاتساق مع الأنظمة الأخرى ذات العلاقة؛ من أجل تجنب الازدواجية والتناقض في مكونات النظام، والبعد عن التداخل مع الأنظمة الأخرى المؤثرة عليه، فالنظام لا يعمل بمعزل على المجتمع ومؤسساته المختلفة.

- ضمان وضوح مفاهيم ومصطلحات ومواد وقوانين ولوائح النظام للجميع، الأمر الذي يتطلب تصميم أدلة توضيحية إرشادية تبين فلسفة النظام ومكوناته وطرق تطبيقه، والجهات المسؤولة عن تنفيذه.

- يظل ضمان نجاح النظام أو فشله يرتكز على آليات وطرق تنفيذه وتطبيقه، فقد يكون تصميم النظام متميز ويتصف بالشمولية والتكامل؛ بينما يأتي تنفيذ النظام على أرض الواقع مخالف لفلسفته وغايته وأسسه ومكوناته، فحينها يصل إلى الناس أن تطبيق النظام ليس غايته خدمتهم ونفعهم والمحافظة على حقوقهم وواجباتهم؛ فيصبح النظام غير مقبول في المجتمع.

الأنظمة والقوانين واللوائح توضع لحفظ حقوق وواجبات الناس، ولضمان نجاحها وتحقيق الغاية منها ينبغي إدراك فلسفة وأبعاد وأسس ومنطلقات كل نظام، وتطبيقها بما يعكس الغاية منها.