عبد الفتاح مورو.. هل يستطيع مرشح النهضة لانتخابات الرئاسة التونسية تجميل وجه الإخوان؟

استقرت حركة النهضة التونسية، ذراع جماعة الإخوان في تونس، على عبد الفتاح مورو لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، بعدما أعلنت شخصيات بارزة داخل الحركة استقرار القيادات عليه.

وهذه أول مرة ترشح فيها الحركة أحد أعضائها للرئاسة منذ بدء حركة الانتقال الديمقراطي التي بدأت عقب ثورة 2011 التي أطاحت بنظام حكم الرئيس زين العابدين بن علي.

وكانت الحركة قد اكتفت بدعم مرشح من خارجها في انتخابات الرئاسة، عام 2014، بينما ساهمت في الدفع بمنصف المرزوقي رئيسا بالبلاد، في انتخابات غير مباشرة عبر المجلس التأسيسي عام 2011.

ويرأس عبد الفتاح مورو، البالغ من العمر واحدا وسبعين عاما، البرلمان التونسي، منذ تنصيب رئيسه السابق، محمد الناصر، رئيسا مؤقتا للبلاد، غداة وفاة السبسي.

في هذه الأثناء بلغ عدد المترشحين للانتخابات الرئاسية التونسية والذين أودعوا ملفاتهم لدى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، 29 مرشحا، وذلك مع نهاية اليوم الخامس من تقديم الترشحات، التي تم فتحها يوم 2 أغسطس إلى 9 أغسطس.

عبد الفتاح مورو أحد الوجوه التي تحاول بها حركة النهضة تحسين صورتها أمام الشعب والعالم، فما عرف عن الرجل الذي انتخب إلى منصب نائب أول لرئيس البرلمان التونسي في العام 2014، الوجه الآخر من جماعة الإخوان، أو "علمانيو الجماعة"، هو من أبرز وجوه حركة النهضة وإن كانت آراؤه لا تمثلها، ذلك النوع الذي لن تكون لديه غضاضة في زواج المرأة المسلمة من غير المسلم، كما صرح سابقا، أو من المنقلبين على شعار الجماعة "الإسلام هو الحل"، لكن هو مع الجماعة قلبا وقالبا.

أغلب معارك عبد الفتاح مورو الحالية تدور في محور رفض تصريحات وجدي غنيم الرأس الإخواني في الأساس، على اعتبار الانحياز للوطن عندما هاجم الأخير الرئيس الراحل باجي قايد السبسي في فيديوهات انتشرت على الإنترنت، لكن قبل ذلك بفترة كانت العلاقات بين الطرفين سوية كفرد من أفراد الجماعة.

لكن مورو أحد القيادات السياسية ومتقني اللعبة في الحركة المحسوبة على جماعة الإخوان بتونس، لا ينفك عن الخروج من عباءة الجماعة، حتى إن تصريحاته التي تبدو متماشية مع الفكر التونسي لدغدغة مشاعر الشعب، لم تخرج كونها تصريحات تلفزيونية، وسرعان ما ينبري إلى الدخول في صف النهضة ومهاجمة الأنظمة العربية.

بالحديث عن ترشيح مورو، المحامي المراوغ، يظهر وجود انقسام داخل النهضة بين المكتب التنفيذي وعلى رأسه الغنوشي ومجلس الشورى، فالغنوشي يريد مرشّحا للرئاسة من خارج الحركة كما أعلن في السابق، في حين أن مجلس الشوري يدعم مرشّحا من الداخل.

الغنوشي لن يبقي رئيسا للنهضة في 2020، هذا ما يردده قيادات الحركة، لذلك هو يعتبر أن تقديم مرشّح من داخل الحركة هروب بها لفائدة هذا الأخير حسب تعبيرها.

ترشيح عبد الفتاح مورو خلافا لرغبة الغنوشي يكشف ما يحصل داخل النهضة، وأن عددا من قيادات النهضة على غرار عبد اللطيف المكي ملّوا من وجود الغنوشي ويريدون في اطار النزاع على السلطة داخل الحركة "تكسير" الغنوشي بترشيح عبد الفتاح مورو.

كل هذا يعكس التخبط داخل حركة النهضة الإخوانية، بعد اتهامات بالضلوع في تفجيرات وعمليات اغتيال في تونس، وتحقيقات رسمية مازالت قائمة، انتهاء بالاتهام المباشر بتدبير عملية انقلاب على سلطة السبسي فور دخوله المستشفى قبل رحيله بفترة لم تتعد الشهر، وفقا لتقارير تونسية.

تخرج مورو في كلية الحقوق جامعة تونس 1970، وحصل على شهادة في القانون وأخرى في العلوم الإسلامية.عمل قاضيا حتى عام 1977، ثم أصبح محاميا.

بدأ نشاطه الإسلامي في 1960، في المدارس الثانوية والمساجد. في عام 1968 التقى راشد الغنوشي في تونس العاصمة في مسجد وبدأ يتفق معه في تأسيس حركة إسلامية في تونس. في عام 1973، و بعد محاولة تنظيم اجتماع لمئة شخص في سوسة، اعتقل عبد الفتاح مورو وراشد الغنوشي من قبل الشرطة. بعد هذا الحادث، فقد تقرر إنشاء منظمة سرية (منظمة الجماعة الإسلامية) ،التي تنقسم إلى هياكل إقليمية ووطنية، وهي تنشط بشكل رئيسي في المساجد والجامعات وتنشر صحيفة، جريدة معرفة، توزع مجانا في بعض أكشاك بيع الصحف ومحلات بيع الكتب بالقرب من المنظمة.

اعتقل مورو، وقضى سنتين في السجن. بعد الهجوم على مركز شرطة باب سويقة في عام 1991، ثم اعتقل مرة ثانية، لاتهامه وأفراد من حركة النهضة بالضلوع في الحادث، بعدها أعلن تعليق عضويته في النهضة، وأوقف كل نشاطه السياسي في تونس، لكنه واصل ممارسة مهنته كمحام. في 30 يناير 2011، بعد عودة راشد الغنوشي من المنفى، قال مورو أنه سوف يشارك مرة أخرى في النشاط السياسي.

شارك مورو في انتخابات المجلس التأسيسي في قائمة مستقلة وذلك مع مجموعة من المستقلين تحت اسم التحالف الديمقراطي المستقل لكنه لم يفز، بعد الانتخابات تم ترشيحه لمنصب مستشار في حكومة حمادي الجبالي لكن لم يتم تعيينه. عاد إلى حركة النهضة بعد مؤتمرها في سنة 2012 وتم انتخابه في مجلس شورى الحركة ونائب لرئيسها راشد الغنوشي، وعاد مورو إلى كنف الذراع السياسية لجماعة الإخوان في تونس.