العراقيون يتدفقون إلى الشوارع للمشاركة في أكبر احتجاج منذ سقوط صدام

احتشد آلاف العراقيين في وسط بغداد، اليوم الجمعة، للمطالبة باستئصال شأفة النخبة السياسية في حدث من المتوقع أن يصبح أكبر يوم للمظاهرات الشعبية المناهضة للحكومة منذ سقوط صدام حسين.

وفي الأيام الأخيرة، تسارعت وتيرة الاحتجاجات التي راح ضحيتها 250 شخصًا على
مدار الشهر الماضي، إذ اجتذبت حشودا ضخمة من مختلف الطوائف والأعراق في العراق لرفض الأحزاب السياسية التي تتولى السلطة منذ عام 2003.

ونصب الآلاف خياما في ساحة التحرير بوسط بغداد وانضم إليهم آلاف آخرون خلال اليوم، ومن المتوقع أن يجتذب اليوم الجمعة أكبر حشد من المتظاهرين حتى الآن، مع خروج الكثيرين إلى الشوارع بعد صلاة الجمعة.

وقالت مصادر في الشرطة والمستشفيات، إن أكثر من 50 شخصًا أصيبوا خلال الليل وصباح
اليوم. وبحلول الظهيرة، كان المئات يتحركون في مسيرة إلى الساحة من الشوارع
الجانبية، منددين بالنخب التي يرونها فاسدة تأتمر بأمر القوى الأجنبية ويحملونها
المسؤولية عن تردي أوضاع المعيشة.

وفي الأيام الأخيرة، كانت الاحتجاجات سلمية نسبيا خلال النهار، إذ انضم إليها كبار السن والأسر الشابة، لكنها تتخذ طابعا أكثر عنفا بعد حلول الظلام فيما تستخدم الشرطة الغاز المسيل للدموع والذخيرة الحية للتصدي للشبان الذين يسمون أنفسهم بالثوريين في الشوارع.

وقالت منظمة العفو الدولية، أمس الخميس، إن قوات الأمن تستخدم عبوات غاز مسيل
للدموع "لم تعرف من قبل" من طراز عسكري أقوى عشرة أمثال من القنابل العادية.

وفي بغداد، أقام المتظاهرون نقاط تفتيش في الشوارع المؤدية إلى ساحة التحرير ومحيطها، لإعادة توجيه حركة المرور.

وانضم الوافدون الجدد إلى أولئك الذين خيموا الليلة الماضية وقدموا لهم المساعدة.

وتتحرك مجموعة من الشباب في الشوارع "لجعل الأمور مريحة" لغيرها من المحتجين.

ويغني كثيرون عن الاعتصام في الوقت الذي أصبحت فيه الخوذ والأقنعة الواقية من الغاز مشهدا عاديا.

وجلست مجموعة من النساء في منتصف العمر يصنعن شطائر الفلافل.

وقالت أم إدريس، وهي أم لثلاثة خريجين جامعيين فشلوا جميعا في العثور على وظائف
"نحضر الطعام للمتظاهرين. إنهم أبناؤنا وإخواننا.. نحن هنا كل يوم حتى يسقط النظام".

في خطبته الأسبوعية، حذر المرجع الشيعي آية الله العظمى علي السيستاني من
"الاقتتال الداخلي والفوضى والخراب" إذا شنت قوات الأمن أو الفصائل شبه العسكرية
حملة على الاحتجاجات. وأيد فيما يبدو المحتجين الذين يقولون إن الحكومة يتم التلاعب
بها من الخارج، ولا سيما من إيران.

وقال ممثل السيستاني خلال خطبة في مدينة كربلاء المقدسة "ليس لأي شخص أو مجموعة أو جهة بتوجه معين أو أي طرف إقليمي أن يصادر إرادة العراقيين أو يفرض رأيه عليهم".

وعلى الرغم من الثروة النفطية الهائلة للعراق العضو في أوبك، يعيش كثير من العراقيين في فقر أو يفتقرون لسبل الحصول على المياه النظيفة والكهرباء والرعاية الصحية الأساسية والتعليم.

ويقود الاحتجاجات شبان يريدون وظائف قبل كل شيء، وفشلت حكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، التي تولت السلطة منذ عام، في الاستجابة للاحتجاجات. ولم تسهم حملة شهدت قيام الشرطة بإطلاق النار على الحشود من فوق أسطح المنازل، سوى في تأجيج غضب المحتجين.

ويرى كثيرون أن الطبقة السياسية تخضع إما للولايات المتحدة أو إيران أو كليهما.

ويستخدم البلدان العراق ساحة بالوكالة للصراع على الهيمنة الإقليمية.

وذكرت رويترز هذا الأسبوع أن فصيلا قويا تدعمه إيران فكر في التخلي عن عبد المهدي، لكنه قرر إبقائه في منصبه بعد اجتماع سري حضره جنرال من الحرس الثوري الإيراني.

وأكد مسؤول أمني إيراني، أن الجنرال قاسم سليماني حضر اجتماع الأربعاء، قائلا إنه كان هناك "لتقديم المشورة".

وقال الرئيس برهم صالح أمس إن عبد المهدي مستعد للاستقالة إذا اتفقت الكتل الرئيسية في البرلمان على بديل.

ويقول المحتجون إن هذا لن يكون كافيا لأنهم يريدون إلغاء النظام السياسي لفترة ما بعد صدام بأكمله، والذي يوزع السلطة بين أحزاب طائفية، الأمر الذي لا يعطيهم حافزا كافيا للإصلاح.

وأضاف أمير: "لا نريد الإطاحة بعادل عبد المهدي فحسب بل وكل الفاسدين، فماذا لو
استقال؟ ماذا سيحدث؟ سيأتون بشخص أسوأ.. هذا ليس كافيا ماذا عن الباقين؟ لا نريد
الأحزاب".
وشهدت محافظات أخرى احتجاجات مع امتداد الاضطرابات في معظم مناطق الجنوب
الشيعية.
وحاول بعض المتظاهرين في البصرة الغنية بالنفط إغلاق الطريق المؤدي إلى حقل
مجنون النفطي ونصبوا خيمة اليوم دعما للاحتجاجات في بغداد لكن مصادر نفطية قالت إن
العمليات لم تتأثر.