الوجع.. الذي فضحنا!

أدركت منذ أن وطأت قدماي بلاط صاحبة الجلالة عاملا على ماكينة الطباعة ثم عاملا على تركيب ألواح الباليتات إلى أن وصلت ما أنا عليه؛ أن لا صداقة تجمع أطراف هذه المهنة تحديدا.

هذه حقيقة نخفيها ونتلون بين الفينة والأخرى على مبدأ الأخوة كذبا وتزلفا.

قبيل بضعة أشهر بكيت خجلا وحزنا. وبكيت تضرعا. أما بكاء الخجل فكان من رسالة زميل كان أحد أبناء الإعلام ردحا من الزمن وهو يرسل لي ابتسامته الممزوجة بالعتب وكأنه يقول لنا تبا لكم.

لم نسأل عنه حتى تواترت الأخبار عن سفره للعلاج ولم نفتقده حتى تعافى من مرضه.

وبكاء الحزن حين تأملت في صورته وقد أنهكه المرض وهو من كافح سنوات الشقاء في بلاط "الفاجرة" صاحبة الجلالة وقد رمت به خارجها كما سترمي بنا جميعا واحدا تلو الآخر.

أما بكاء التضرع فقد الهمني الله ان اذكره في دعوة عند الغسق بالشفاء والعافية.

اليوم نحن فرقاء في جلباب أوفياء تجمعنا شبكة تواصل أنستنا كل لقاء وود وترابط، أكبر همنا أن نرسل نكتة ليرد الطرف الآخر بضحكة مليئة بدموع التملق وأكثر مايشغلنا في النقاش ماضٍ ولى واندثر.

نبكي على زمن كنا فيه الحراك والنشاط والهمة ونعيب على زمنا دخل فيه من لا مهنة له ليمتهن مهنتنا عنوة "ومن فوق الشوارب".

نحن يا صديقي المُتعب لسنا كما يقول لك حدسك فقد ألبستنا سنوات الفرقة ثوب النسيان لكل ماهو جميل ولسنا كما عهدت يجمعنا القلم وتفرقنا ممحاة التسامح.

طغت على قلوبنا كل مصلحة استنفاعية فلا ننظر لزميل كان يوما ما إلى جوار منضدتنا نرتشف من كوب واحد، ونأكل على صحن واحد، لزمن جميل ولم نعد نؤثر على أنفسنا. بل نستقتل من أجل الخصاصة لأنفسنا.

نبحث عن الفرص دون ان ننظر لمن كانوا معنا هل هم أحق بها.

نحن يا صديقي في زمن الفجور والمنفعة. سنبكي بعضنا حين الفراق وما نلبث أن نطلق النكات على من يموت فينا روحا وجسدا وفكرا.

استميحك عذرا أيها النبيل في روحه المرحة وان أنهكته بعض الأوجاع أن تغفر لنا خطيئة تجاهل أغلبنا لأننا في زمن التملق ونحن اليوم فرقاء في جلباب الأوفياء الذين رحلوا وكفى.