فيروس يشل العالم

كرم الله الإنسان بخلقه والنفخ فيه من روحه، وسخر له ما في السموات وما في الأرض؛ لعمارة الأرض وتحقيق غاية العبودية لخالقه ورازقه، وأنزل له منهجاً ربانياً تستقيم به حياة الإنسان، ويُنير له طريقه، وجعل له السمع والبصر والفؤاد ليتعلم بها قراءة الحياة ويسبر أغوار الأرض ويكتشف نجوم السماء، ويصنع ويبتكر كل ما يُعينه على العيش في حياته بكرامة ورفاه وصحة وأمن وأمان.

فجأة يظهر فيروس لا يُرى بالعين المجردة، يحمل اسم وصفات الفيروسات ولكنه يختلف عنها من حيث خصائصه، وسرعة انتشاره، وشدة فتكه، وصعوبة التحكم به، يستهدف الإنسان ليكون عبرة لمن يعتبر، يقف العالم عاجزاً أمامه، يتطلب من الجميع الحذر والاحتراز، وتحصين النفس عن العدوى والانتقال.

فيروس كورونا غير خارطة العالم السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، وأعاد ترتيب الأوليات؛ ليكون هو في قمة الأولويات والاهتمامات لكل دول العالم، فالسلامة لا يعدلها شيء.

لقد صنع الفيروس أزمة كبيرة هزت أركان العالم، وجعلت كل الدول تُسخر إمكاناتها وقدراتها المادية والبشرية لمنعه من الانتشار، وللبحث له عن عقار يكون له مضاد، ويكون لدى الإنسان مناعة منه.

فقد تبين للعالم أن الحياة قائمة على الإنسان وأن أي تقدم يحدثه الإنسان في الأدوات والوسائل والتقنية والتكنولوجيا تظل أدوات تُساعد الإنسان في حياته وتحقيق أهدافه، فحينما توقف الإنسان عن العلم والعمل، توقفت الحياة إلا من أدوات يتم توظيفها عن بعد لضمان استمرار الحياة على نهجها الطبيعي قدر المستطاع.

ما السناريوهات المحتملة للتصدي لفيروس كورونا؟

اثنان لا ثالث لهما، وكلها بتوفيق العزيز العليم

السيناريو الأول: الإجراءات الاحترازية والوقائية للحفاظ على صحة الناس من انتقال عدوى الفيروس إليهم، ومنع انتشاره والسيطرة والتحكم به، وهي أول وأهم خطوة تتخذها الدول حيال ذلك، وكانت المملكة العربية السعودية في مقدمة الدول المبادرة منذ وقت مبكر لظهور الفيروس بوضع استراتيجية واضحة ومتكاملة وفق خطوات إجرائية متسلسلة للوقائية من انتشار وتفشي الفيروس بين المواطنين والمقيمين والحفاظ على صحتهم وسلامتهم، وتتطلب تلك الاستراتيجية من الجميع الالتزام بها.

السيناريو الثاني: تسخير كل الإمكانات والطاقات المادية والبشرية لكل دول العالم؛ من أجل العمل على اكتشاف عقاقير ومضادات لفيروس كورونا تكون ناجعة وفعالة، تسهم في السيطرة والتحكم به والقضاء عليه.

ختاما: مع الأخذ بتلك السيناريوهات، نتضرع إلى المولى عزل وجل أن يوفق الجميع للحد من فيروس كورونا والقضاء عليه، ونسأله تبارك وتعالى أن يحفظ وطننا وقيادتنا ومجتمعنا من كل شر ومكروه.

*أستاذ الإدارة والتخطيط الاستراتيجي