بين التصور والرؤية الفكرية.. برنامج Tik Tok مهدد فكري أم معزز اجتماعي؟

تعد القيم الاجتماعية من أهم الركائز التي تبنى عليها المجتمعات، وتقام عليها الأمم، وترتقي بها الحضارات، لارتباطها في الدرجة الأولى بالأخلاق والمبادئ، سيما أنها تعد ضابطة للسلوك البشري الصحيح السوي، وفي نفس الوقت نابذة لكل ما يعكر صفو الحياة الآمنة الهادئة المستقرة من تطرف يساري أو يميني، بل هي المرسخة لكل ما هو محبوب ومرغوب وطاردة لكل مخالف منبوذ لدى أفراد المجتمع، والتي تحدده ثقافته وعاداته وتقاليده مثل: التسامح والقوة والاعتدال والحوار الهادف، والصدق الذي يبدأ من الأسرة، وينتهي بالمجتمع، والإيثار، والذي يعبر عن تخلي الإنسان عما يحبه لصالح غيره، والحياء، والبذل والتضحيّة، وذلك بجعل اهتمامات الفرد الخاصة لصالح المجتمع ككلّ، ولا غنى عن التعاون والتعاضد بين أفراد المجتمع، والتكافل الاجتماعي، وغيرها كثير.

فعملية التعزيز المجتمعي بشقه الإيجابي بصفة خاصة يدعم السلوك السوي المناسب، ويرسخ القيم الجميلة ذات الأيدلوجيات الوطنية والروح التعاونية المبنية على الوسطية والاعتدال بل تزيد عملية احتمالات تكرارها في المستقبل بإضافة مؤثرات إيجابية، أو إزالة مثيرات سلبية بعد حدوثه، ولا يقتصر وظيفة التعزيز على زيادة احتمالات تكرار السلوك في المستقبل فقط، فهو ذو أثر إيجابي من الناحية النفسية أيضا.

وتعرف المعززات الاجتماعية- من وجهة نظري- بأنها المعززات المتعلمة والمكتسبة من المواقف الاجتماعية وهي مثل الابتسامة، الثناء، الانتباه، حركات الرأس للتعبير عن الموافقة / أو المعززات اللفظية أحسنت / شاطر / ممتاز وهكذا.

وفي عصرنا الراهن عصر الإبداع والتجديد ومواكبة كل جميل تبرز أهمية الاستفادة من مواقع التواصل الاجتماعي في ترسيخ القيم الايجابية التي يعود أثرها على كافة أفراد المجتمع من زرع ثقافة الإيجابية والتفاؤلية ومبادئ الحوار الهادف والنقد البناء من خلال مناقشة المواضيع التي يجب على الإنسان القيام بها، بكل هدوء وعقلانية والتي تؤدي إلى تحقيق الانسجام الفكري مع الآخرين، ويجعلهم قادرين على إنشاء علاقات مع من حوله، سواء أكانت علاقات في العمل، أم المدرسة، أم الجامعة. ويساهم في صنع علاقات جيدة مع الآخرين خالية من الغيبة، والنميمة، والكره، والحقد، والبغضاء، والجفاء، ومليئة بالمحبة، والتسامح، والمودة، وهذا يؤدي إلى الشعور بالراحة النفسية، ويساعد على التعرف والانفتاح على كافة الثقافات والعادات، إضافة إلى الحصول على المعلومات من الغير.

وفي الختام: لا بدَّ من تكاتف الجهود الوطنية في منظومة تعاونية تكاملية بين الأجهزة الأمنية عامة والمعنية بالجانب الفكري الأيدلوجي خاصة والجهات التعليمية والمجتمعية والتطوعية وبثوب إعلامي (وطني، وطني، وطني) لإخراج صور عديدة بفكرة إبداعية لمحتوى إعلامي فكري مفيد وبأسلوب تقني حديث ومختصر مفيد، يزرع القيم المجتمعية التي ترسخ مبادئ الاعتدال والوسطية وتنشر الجمال والإبداع والتفاؤل وحسن الظن والتسامح في المجتمعات البشرية والمستفيد الأول والأخير هو الوطن الجميل الذي يرتكز على قيمة وطنية رائعة (المواطن خط الدفاع الأول عن وطنه).

(حمى الله بلادنا وبلاد المسلمين من كيد الكائدين وحسد الحاسدين).

المقال القادم: الوعي الذاتي بين المسئولية والتطوع