استطلاعات الرأي ودورها في صنع القرار

تلعب استطلاعات الرأي العام دوراً مهماً ومؤثراً في دفع عجلة التنمية ووضع خططها في أي بلد، والدول التي تولي ذلك الجانب أهميةً كبرى تسير بخطىً واثقة في عملية التطور والنماء، بعكس الدول التي أغفلت دور استطلاعات الرأي العام واستأثرت بقراراتها المعتمدة في الغالب على الرأي الأوحد، فكان مصيرها الفشل وإن تظاهر من اتخذها بعكس ذلك.

ونحن في المملكة العربية السعودية أنعم الله علينا بقيادة حكيمة، دأبت على المضي قدماً في اتخاذ ما من شأنه الاستمرار في عملية النماء والبناء لهذه الدولة العظيمة، فجاء إنشاء المركز الوطني لاستطلاعات الرأي العام في عام 1437هـ، كإحدى مبادرات مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني.

ويعنى تحديداً بعمل الاستطلاعات والاستفتاءات الموجهة لعموم المواطنين؛ بهدف الحصول على المعلومات الدقيقة من مصادرها الأساسية، وسد كل الطرق التي قد تؤدي لتظليل الجهات الحكومية الساعية لإنشاء وتطبيق خططها التنموية.

وقد كان لي شرف حضور إحدى ورش العمل التي نظمها المركز، اطلعت من خلالها عن قرب على الخطط الطموحة والعمل الكبير الذي يقوم به المركز في مختلف القضايا الاجتماعية، والاقتصادية، والتربوية وغيرها، واستعداده التام للقيام باستطلاعات الرأي بشكل دقيق وعاجل؛ يسهم في ذلك وجود الكوادر البشرية والتقنيات الحديثة التي تجعل من عملية الحصول على النتائج المطلوبة أمراً في منتهى السلاسة، وقد أجرى المركز العديد من الدراسات لمختلف الجهات الحكومية، شارك فيها حوالي 60000 مواطن، ولا زالت الأرقام والاستطلاعات في ازدياد مستمر.

بل إن الأمر لا يتوقف عند وضع خطط التنمية وحسب، فحتى الخطط القائمة يحتاج الكثير منها إلى إعادة دراسة ومقارنة مع المتغيرات التي تطرأ بين الحين والآخر، وهو ما يدعو إلى إجراء استطلاعات جديدة للآراء؛ للوقوف على مدى ملائمتها مع الوضع الراهن أو إلغائها أو استمراريتها إذا أثبتت جدواها.

ولعل الاستطلاع الذي أجراه المركز حول دور الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها حكومة المملكة لمواجهة فيروس كورونا؛ خير دليل وأقرب مثال على دور المركز وأهمية ما يقوم به من استطلاعات، حيث أظهر الاستطلاع أن نسبة 95% من المشاركين بآرائهم مؤيدين لجميع القرارات والإجراءات الاحترازية، وهو خير شاهد أيضاً على أن تلك الاجراءات والقرارات والالتزام الذي نتج عنها ساهم في تراجع نسبة الإصابات وعدد الوفيات بعد مشيئة الله في السعودية، حيث أثبتت الحكومة السعودية قدرتها على مواجهة الأزمة وتخطيها بتوفيق الله ثم بتكاتف المواطنين والمقيمين الذين ساهموا في تنفيذ خطط وزارة الصحة.

وبمقارنة ذلك مع المؤشرات اليومية والأسبوعية والشهرية نجد أن معدل الإصابات بعد أن وصل إلى قمة ذروته في شهر يوينو بعدد 4919 حالة في اليوم، عاد للتراجع تدريجياً حتى وصل إلى رقم 290 حالة حتى كتابة هذا المقال.

وفي مقابل ذلك نجد ارتفاعاً في معدل حالات التعافي وصل إلى رقم 7718 حالة في اليوم الواحد؛ مع الاستمرار في نزول مؤشر الإصابات تدريجياً منذ أن وصل إلى أعلى معدلاته في شهر يونيو؛ وذلك بفضل الله أولاً ثم بفضل الخطط التي وضعتها الدولة لمواجهة الأزمة، والتزام المواطنين والمقيمين بتعليمات وزارة الصحة، وهذا تأكيد على أن استطلاع وزارة الصحة لخطتها يفيد بملاءمتها وضرورة الاستمرار في تنفيذها.