اطمئنوا على أبنائكم

ساعات قليلة تفصلنا عن عودة طلاب المرحلتين الابتدائية ورياض الأطفال إلى مقاعد الدراسة، بعد نحو عامين دراسيين، ظلوا فيها قيد التعليم عن بُعد، هذه العودة وإن جاءت في ظروف "استثنائية" تشهدها الجائحة بسبب متحور "أوميكرون" وقدرته العجيبة على رفع أعداد الإصابة به، ليس في المملكة فحسب وإنما في العالم، إلا أنها في هذا التوقيت بالذات تعكس ثقة المملكة في نتائج القرارات التي تتخذها، كما تؤكد أن المملكة تدرك جيداً ماذا تفعل، وعلى ماذا تُقدم.

أستطيع التأكيد على أن المملكة تجني اليوم ثمار جهد استثنائي، استمر نحو 46 شهراً مضت في مواجهة الجائحة، كانت تبذل خلالها الغالي والنفيس للمحافظة على صحة الإنسان، وحمايته من الإصابة بالوباء، ولا فرق هنا بين بين مواطن ومقيم، فالكل سواسية طالما الأمر يتعلق بالصحة العامة والمحافظة على النوع البشري.

تجسدت جهود المملكة عندما بادرت في بداية الجائحة بتجميد الأنشطة كافة، وتأجيل الدراسة، وتفعيل الدوام عن بُعد للكثير من الأنشطة، وتخصيص ميزانية "مفتوحة" لوزارة الصحة للتعامل المثالي والسريع مع الجائحة في جميع مراحلها ومحطاتها، فضلاً عن توفير أفضل اللقاحات في العالم للجميع بالمجان، وفي أثناء ذلك، كانت تراقب تحركات المرض في دول العالم، وتقارن بين الوضع في المملكة وفي غيرها، وبناءً على ذلك، كانت تتخذ الإجراءات الكفيلة بحماية الإنسان من براثن المرض.

كل هذه الجهود أكسبت المملكة خبرات متراكمة في التعامل النموذجي مع المرض، وشجعت الجهات المعنية على اتخاذ قرار عودة الطلاب الصغار يوم الأحد المقبل، وفق آليات مشددة، وإجراءات احترازية لا تهاون فيها، تضمن العودة الآمنة لجميع أبنائنا، وهنا أوجه رسالة عاجلة إلى أولياء الأمور، بأن أبناءهم في أمن وأمان تامين، وأن عودتهم المرتقبة سيُكتب لها النجاح، ليس لسبب سوى أن الجهات المعنية تحسب ألف حساب لكل خطوة تخطوها، ولا يمكن أن تغامر بحياة الإنسان أو تراهن على صحته، وأعتقد أن ما اتخذته المملكة في العامين الماضيين من قرارات ومبادرات خير دليل على كلامي.

ولا يمكن الحديث عن عودة الطلاب الصغار، دون الحديث عن أهمية التعليم "الحضوري" لهؤلاء الصغار وجهاً لوجه أمام المعلمين والمعلمات، لإكساب المعارف والمهارات البدائية في تعلم القواعد الأساسية للقراءة والكتابة، وحل المسائل الحسابية بمهارة عالية، هذه المهارة ـ بحسب اعتقادي ـ صعب نقلها إلى طلاب صغار عن طريق شاشة كمبيوتر صماء، خالية من أي مشاعر أو أحاسيس، وهذا يعكس أمراً آخر في غاية الأهمية، وهو أن المملكة تقدم مصلحة الطلاب، وانها اتخذت كل ما يلزم لتفعيل هذه المصلحة على أرض الواقع.

 

أعيد وأكرر ثقتي الكبيرة في قرارات المملكة، وثقتي أيضاً في النتائج المرجوة، وستكون عودة الطلاب رسالة جديدة من المملكة إلى العالم بأنها صاحبة تجربة مثالية في التعامل مع أكبر أزمة صحية شهدها كوكب الأرض في العصر الحديث، وأنها تفوقت على دول كبرى، لطالما تشدقت بالعلوم والمعارف والتقنيات الحديثة، ونجدها اليوم تئن تحت وطأة المرض، وحصده الأرواح كل يوم.

 

dr_abdullah09@