زيارة شهباز شريف إلى المملكة وآثارها الداخلية والخارجية المتوقعة

د. راسخ الكشميري
د. راسخ الكشميري

بدعوة من سمو ولي عهد المملكة العربية السعودية الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، سيزور رئيس الوزراء الباكستاني الجديد محمد شهباز شريف المملكة في الثامن والعشرين من شهر أبريل الجاري والتي ستمتد حتى نهاية الشهر، يعود بعدها رئيس الوزراء إلى باكستان.

وتعتبر هذه الزيارة هي أول زيارة خارجية يقوم بها رئيس الوزراء الباكستاني، والملاحظ في سير السياسة الباكستانية منذ عقود أن أي رئيس وزراء بعد أدائه اليمين الدستورية تكون وجهته الخارجية الأولى المملكة العربية السعودية، وهذا يُشير إلى عمق العلاقات السعودية الباكستانية من جهة، ومن جانب آخر يأمل كل رئيس للوزراء أن تكون بداية انطلاقة سير أعماله بعد زيارة المسجد النبوي الشريف وبيت الله الحرام.

السؤال المطروح، هو: ماذا ستسفر عنه هذه الزيارة في ظل حكومة مؤتلفة من عدة أحزاب؟! فمن خلال التصريحات الرسمية التي خرجت من خارجية باكستان، ومن رئاسة الوزراء فإنه إضافة إلى تعزيز العلاقات، وترميمها، والتي واجهت بعض التحديات بسبب حكومة حركة الانصاف والتي كانت ما بين ٢٠١٨-٢٠٢٢م ستركز على الجانب الاقتصادي بشكل كبير، وخلق فرص أكبر للقوى العاملة الباكستانية في المملكة، وستسعى باكستان للوصول إلى اتفاقيات تساهم وتعزز من اقتصادها، وتقوي موقفها الداخلي والخارجي على حد سواء، كما سيتبادل الجانبان وجهات النظر حول مجموعة من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، ويمكن حصرها في القضيتين الأفغانية والكشميرية، بالاضافة إلى متغيرات السياسة العالمية، وكيفية العمل والتنسيق معا حيالها.

كما يمكن الاستشراف حول هذه الزيارة بأنها قد تكون عونا بشكل جزئي في إعادة الاستقرار في السياسة الباكستانية خصوصا بعد كشف الستار عن الاتفاقيات التي ستتم في هذه الزيارة، والتي -كما تأمل الحكومة الحالية أن تكون إيجابية- سترسل إشارات اطمئنان للداخل الباكستاني تنعكس إيجابًا على الشارع الباكستاني العام، وذلك في ظل مطالبات حركة الانصاف بالاعلان عن إجراء فوري للانتخاب، وهذا ما لا يمكن فعله حالا في باكستان، حيث صرحت هيئة الانتخابات الباكستانية أنها تحتاج إلى ما يقارب سبعة أشهر كحد أدنى من أجل ذلك.

ويتضح أيضا من خلال ما يحدث في الداخل السياسي الباكستاني خصوصا عقب زيارة وفد حزب الشعب واللقاء بقائد حزب الرابطة الاسلامية (نواز شريف) في لندن أن الأحزاب المتآلفة رغم تناقض أفكارها السياسية ستسعى خلال الفترة القادمة إلى العمل واتخاذ القرارت بشكلٍ مشترك حتى الانتخابات القادمة في منتصف ٢٠٢٣م، وأول تلك القرارات اتضحت في تنصيب (بلاول زرداري) وزيرا للخارجية الباكستانية، وهذه الخطوة على الأرجح اتخذها حزب الشعب أولا ليكون هناك تآلف سياسي، بالاضافة إلى تمهيد الطريق في المستقبل البعيد أو متى ما سنحت الفرصة لحزب الشعب لتنصيب بلاول زرداري رئيسا لوزراء باكستان.

كما يمكن الاستشفاف أن الأحزاب المتآلفة في الحكومة الحالية ستمضي قُدما نحو إصلاح الأمور على الصعيد الداخلي والخارجي، خصوصا في الاصلاحات الاقتصادية والانتخابية، والعمل على ترميم العلاقات مع دول المنطقة، وإعادة الاستقرار في السياسة الباكستانية، ومن ثم الاعلان عن الانتخابات، حينها ستتحدد ملامح السياسة الباكستانية التي ستكون عقب منتصف ٢٠٢٣م، وستسعى الأحزاب السياسية وعلى رأسها حزب الرابطة الاسلامية (فصيل نواز)، وحزب الشعب الباكستاني الاستفادة من المكتسبات السياسية في الفترة الحالية لاستخدامها كأوراق انتخابية.

بالتالي تمثل الزيارة القادمة أهمية كبرى لحزب الرابطة الاسلامية (فصيل نواز) على الصعيد الداخلي لوجود رئيس وزراء من حزب الرابطة على سدة الحكم، وأرى أنها ستُلقي بظلالها قدر نجاحها على نجاح حزب الرابطة في السياسة الداخلية على المدى القريب والبعيد خصوصا إذا ما أدركنا أن حزب الرابطة يمثل الوجه المعتدل في السياسة الباكستانية الذي يستطيع أن يوازن بين العلاقات الباكستانية الخارجية بعيدا عن الشعبوية والغوغائية.