للمرة الأولى منذ أشهر.. بلينكن ونظيره الصيني يجريان محادثات “بناءة”

أجرت الولايات المتحدة والصين السبت محادثات "بناءة"، حسبما أكد الجانبان، في أعقاب اجتماع مطول على غير عادة بين وزيري خارجيتيهما بهدف منع التوتر بين البلدين من الخروج عن السيطرة.
وعقد الوزيران الأميركي أنتوني بلينكن والصيني وانغ يي أول محادثات بينهما منذ تشرين الأول/أكتوبر في جزيرة بالي الإندونيسية، فيما كثفت القوتان العالميتان التواصل بينهما في وقت تركز الدول الغربية على الغزو الروسي لأوكرانيا.
وأكد بلينكن عقب محادثات استمرت خمس ساعات أنه "رغم تعقيدات علاقاتنا، يمكنني القول بدرجة من الثقة إن وفودنا تجد محادثات اليوم مفيدة وصريحة وبناءة".
وأضاف أن "العلاقة بين الولايات المتحدة والصين بغاية الأهمية لبلدينا وللعالم أيضا. نحن مصممون على إدارة هذه العلاقة، هذا التنافس، بمسؤولية"، واعدا بإبقاء قنوات الدبلوماسية مع بكين مفتوحة.
من جانبها قالت وزارة الخارجية الصينية إن الجانبين توافقا بشكل كبير، على العمل لتحسين العلاقات، لكنها عددت في نفس الوقت انتقادات لواشنطن واتهمت الولايات المتحدة بـ"تشويه ومهاجمة" نظامها السياسي.
وأكدت الوزارة أن "الجانبين توصلا على أساس المعاملة بالمثل والمنفعة المتبادلة، إلى توافق بشأن تعزيز مشاورات مجموعة العمل الصينية الأميركية لتحقيق المزيد من النتائج"، كما تم "الاتفاق ايضا على تعزيز التعاون بشأن التغير المناخي والصحة العامة".
وأضافت "يرى الجانبان أن هذا الحوار جوهري وبناء، ما سيساعد على تعزيز التفاهم المتبادل، والحد من سوء الفهم وسوء التقدير، ويسهم في تراكم الظروف من أجل تبادلات مستقبلية رفيعة المستوى بين البلدين".
وركزت المحادثات، التي تضمنت اجتماعا في الصباح أعقبه غداء عمل، بشكل كبير على منع التنافس من التفاقم والتسبب بنزاع، وعلى معارضة واشنطن لبكين بشأن قضايا من بينها تايوان وحقوق الإنسان.
وقال بلينكن إنه "عبر عن مخاوف الولايات المتحدة العميقة إزاء تصاعد اللهجة المستفزة لبكين وأنشطتها تجاه تايوان، والأهمية الكبيرة للحفاظ على السلام والاستقرار على جانبي مضيق تايوان".
كما أبدى مخاوف بشأن أوكرانيا ودعا الصين للنأي بنفسها عن روسيا، غداة محادثات مجموعة العشرين التي انتقدت فيها الدول الغربية وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مباشرة على خلفية الغزو الروسي لأوكرانيا.
وقال بلينكن إنها "اللحظة التي نحتاج فيها جميعا إلى النهوض كما فعلت دول مجموعة العشرين الواحدة تلو الأخرى، لإدانة العدوان والمطالبة، من بين أمور أخرى، بأن تسمح روسيا بالوصول إلى الغذاء العالق في أوكرانيا".
وكان المسؤولون الأميركيون أبدوا تفاؤلا حذرا إزاء موقف الصين من أوكرانيا، فدانوا خطابها المؤيد لروسيا لكن من دون أن يروا مؤشرات على دعم بكين أقوالها بأفعال ملموسة.
وقبل بدء الاجتماع صرّح وانغ أمام الصحافيين أن الرئيس شي جينبينغ يؤمن بالتعاون و"الاحترام المتبادل" بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم وبالحاجة إلى "تبادلات طبيعية" بينهما.
وقال وانغ أمام أعلام أميركية وصينية "يجب أن نعمل معًا لضمان أن تستمرّ هذه العلاقة في التقدّم على المسار الصحيح".
وهذا أول لقاء مباشر بين بلينكن ووانغ منذ تشرين الأوّل/أكتوبر، ويُتوقع أن يمهد الوزيران الطريق لمحادثات عبر الإنترنت في الأسابيع المقبلة بين الرئيسَين الأميركي والصيني جو بايدن وشي جينبينغ، في وقت تكثف القوتان التواصل بينهما وتخففان النبرة.
وبعد توقف مطول خلال فترة الجائحة، أجرت الولايات المتّحدة والصين منذ الشهر الماضي، محادثات جمعت قادة قطاعات الدّفاع والمال والأمن القومي من البلدين، فضلا عن كبار القادة العسكريّين.
وكتبت صحيفة غلوبال تايمز الرسمية المعروفة بانتقادها للولايات المتحدة أن تزايد الحراك الدبلوماسي "يؤكد إجماع البلدين على تجنب تصعيد المواجهة".
وصعدت الولايات المتحدة موقفها تجاه الصين في السنوات الأخيرة، وحافظ بايدن إلى حدّ كبير على جوهر النهج المتشدّد الذي اعتمده سلفه دونالد ترامب والمتمثّل في النظر إلى بكين باعتبارها الخصم العالميّ الأبرز للولايات المتحدة.
لكنّ بلينكن أوضح في خطاب ألقاه في الآونة الأخيرة أنّ الولايات المتّحدة لا تسعى إلى "حرب باردة" جديدة، رغم الانتقادات التي تشمل اتّهام بكين بارتكاب "إبادة" بحقّ الأويغور المسلمين، وهو ما كرره عقب محادثات السبت.
ويُتوقّع أن تُخفّف إدارة بايدن قريبًا بعض الرسوم الجمركيّة التي فرضها ترامب على السلع الصينيّة، في خطوة يمكن أن تخفض التضخّم المرتفع الذي أصبح يمثّل عبئًا سياسيًا كبيرًا في الولايات المتّحدة.
ومن المتوقع أيضا أن يقوم شي بإدخال تعديلات على فريقه المكلف السياسات الخارجية، خلال المؤتمر الوطني للحزب الشيوعي في وقت لاحق هذا العام.
غير أن كريغ سينغلتون المتابع للشؤون الصينية في "مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات" المتشددة ومقرها واشنطن، يتوقع أن يقوم شي مجددا بتعيين شخصيات من التكنوقراط يمكنهم العمل مع واشنطن.
وقال "السبب بسيط، الاقتصاد الصيني يواجه تحديات كبيرة وصناع السياسة الصينيون متحمسون على ما يبدو للإقرار بأن اللهجة العدوانية للصين جاءت بمفعول عكسي".