بنصوص تعود لـ5 آلاف عام.. دارة الملك عبدالعزيز تبرز حضارة “مجان”

طبعت دارة الملك عبدالعزيز ونشرت الكتاب الموسوم بـ"تجارة مجان في العصور القديمة من 3000 إلى 1300 قبل الميلاد"، الذي ألفه الدكتور علي بن راشد المديلوي ونال عليه درجة الدكتوراه في كلية الآداب بجامعة الملك سعود؛ حرصًا من الدارة على نشر الدراسات التي تعنى بتاريخ الجزيرة العربية والحضارات التي سادت فيها.
وسلط الكتاب الضوء على العلاقة المتشابكة بين تاريخ الجزيرة العربية مع الحضارات الأخرى، وما نتج عنها من تبادل ثقافي وتجاري وتأثير وتأثر، حيث نشأت على أرض الجزيرة العربية حضارات مختلفة أسهمت في بناء الحضارة الإنسانية.

وتنوعت مساكن هذه الحضارات، فمنها الحضارات المنبثقة من البيئة الصحراوية التي تطغى مساحتها على أغلب أرجاء الجزيرة العربية، ومنها الحضارات التي نهضت على السواحل البحرية، فكان لها إسهاماتها وعطاءاتها المتنوعة.
ومن الحضارات التي نمت في الجزيرة العربية حضارة "مجان" التي استوطنت جزءًا من سواحل الخليج العربي، وكان لها ذكر في الكتابات المسمارية القديمة في بلاد الرافدين دلت على وجود نشاطات تجارية وحضارية مميزة تعاضدت مع المراكز الحضارية الأخرى في أقاليم متعددة.
ويحدد الكتاب الإطار الجغرافي والتاريخي لحضارة مجان، ويفصل الحديث عن تجارة الإقليم، ومنها تجارة النحاس والمعادن الأخرى التي تبادلتها مجان مع دلمون وصولاً إلى بلاد الرافدين والشام ووادي النيل وغيرها، ويتطرق إلى تجارة اللبان والمواد العطرية التي تعود إلى عهود مبكرة تصل إلى ثمانية آلاف سنة قبل الميلاد، ويصف أنواعها ومواقع تجميعها وموانئ تصديرها، إلى جانب سلع أخرى مثل الأسماك والتمور والأصداف والملح وغيرها.

يقدم الكتاب دراسة تحليلية لنصوص بلاد الرافدين ومجتمع مجان التي ظهرت منذ منتصف الألف الثالث قبل الميلاد، وكذلك إسهام مجان في تصدير بعض السلع المهمة كنبات الذرة والدجاج وغيرهما، والصلات التجارية بين مجان والمراكز الحضارية المجاورة لها التي أثمرت علاقات مع وادي السند، وعيلام، والأناضول وغيرها.
ويقول مؤلف الكتاب: "إن معرفتنا بـ"مجان" بوصفها كيانًا جغرافيًا وإقليميًا قديمًا، تشكلت من خلال ذكر اسمها في الكتابات المسمارية القديمة لبلاد الرافدين، وأطلقت هذه النصوص والكتابات على المنطقة التي تشغلها الآن (سلطنة عمان ودولة الإمارات العربية المتحدة) اسم مجان.
وأشارت هذه الوثائق والنصوص التي عثر عليها في مواقع متعددة من مدن بلاد الرافدين كأور، ولجش، ونفر، والوركاء، وبابل، وكيش، وآشور، ونينوى، ونمرود إلى العلاقات التجارية والحضارية المميزة التي ربطت مجان ببلاد الرافدين منذ أزمنة مبكرة، مركزةً على التجارة الدولية لبلاد الرافدين في حقبة الازدهار الحضاري مع المراكز الخليجية، وبلدان الشرق الأدنى القديم، حيث استمرت هذه العلاقات التجارية والحضارية بين مجان وبلاد الرافدين كما جاء في هذه النصوص والوثائق المسمارية منذ منتصف الألف الثالث قبل الميلاد حتى نهاية العهد البابلي الحديث في بلاد الرافدين وسقوط بابل على يد قورش ملك الإخمينيين، أي نحو 539 قبل الميلاد.