كفاءة المعلم والرخصة المهنية

في أثناء قراءتي لكتاب "حياة في الإدارة" لمؤلفه غازي القصيبي رحمه الله والذي يحتوي على عصارة خبراته العلمية والإدارية الطويلة والمثيرة في نفس الوقت لفت نظري هذه الفقرة والتي أجبرتني على الوقوف عندها وقراءتها أكثر من مرة خصوصاً ونحن نعيش في الوقت الذي كثر فيه النقاش حول الرخصة المهنية للمعلمين.

هذه الفقرة تقول: "لابد أن أقول أن التدريس فن لا علاقة له بكمية العلم الذي يختزنها المدرس. أغزر الناس علماً قد لا يكون قادراً على نقل علمه إلى الآخرين، وأنجح المدرسين قد لا يكون أعلمهم".

هذه الفقرة من وجهة نظري يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار مع توجه الوزارة لربط العلاوة باستخراج الرخصة المهنية والذي اقتصر معياره -كما أعلم- على الحصول على درجة معينة في اختبار قياس، وهو الأمر الذي لن يؤدي إلى تطوير المعلم، والذي يصب في مصلحة الارتقاء بالتعليم، فالمعلم بذلك سيكفيه أن يجتهد قبل الاختبار ويدخل الدورات التي تؤهله للحصول على الدرجة المطلوبة حتى لو لم يكن أداؤه داخل المدرسة يؤهله لذلك "وهو الأهم بلا شك".

إن وجود معيار لاستحقاق المعلم العلاوة السنوية أمر مقبول ومطلب معقول ولكن أن يكون المعيار مقتصراً على درجة الاختبار فهو الأمر الذي لا أفهمه فهناك معايير أهم وأولى ومنها على سبيل المثال: معرفة مستوى طلابه من خلال تقييمهم والوقوف على مدى قدرة المعلم في تطوير مستوياتهم، وإتقانهم للمهارات اللازمة، بالإضافة إلى الأخذ برأي رئيسه المباشر، ومن ذلك الاطلاع على ملف إنجازه وقدرته على تحقيق القدر الأدنى من التطوير المهني السنوي المطلوب.

كل هذه العوامل مجتمعة تجعل من تقييم المعلم أكثر منطقية وعدلاً.

في نهاية المطاف تبقى القرارات مسؤولية متخذها وهو من يملك الأفق الأوسع، والأكثر اطلاعاً على البدائل المطروحة ، وهذا لا يُعفي الكاتب المهتم من الكشف عن زوايا جديدة وتسليط الضوء على آفاق أخرى جديدة.