جدل في الأردن واتهامات بـ«الخروج من الملة» بعد دعوة لـ«تعلم النسوية ومبادئها».. ما القصة؟

على مدار الأيام القليلة الماضية، تعرضت دعوة من المحامية والحقوقية الأردنية هالة عاهد لـ «تعلّم النسويّة ومبادئها» لحملة هجوم واسعة، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي في الأردن.

بداية القصة

بدأت القصة بإعلان منظمة المجتمع المدني «أهل»، يوم الثلاثاء الماضي، تنظيم سلسلة جلسات للمقيمات في الأردن لـ«تعلّم النسويّة ومبادئها»، من خلال 4 جلسات بالعاصمة عمان، خلال الفترة من اليوم السبت حتى الخميس المقبل، بتيسير من قبل هالة عاهد.

هجوم واسع

وقوبلت الدعوة بهجوم حاد وعلى نطاق واسع، من قبل مغردين انتقدوا فكرة «تعليم مبادئ النسويّة»، معتبرين أن «النسوية» قائمة على «الشذوذ والإلحاد»، وفقاً لتغريدات رصدتها «الوئام».

واتهم مغردون منظمي الجلسات بأنهم «مخربي بيوت». وقال أحدهم متسائلاً: «كم بيت رح تخربوا؟ كم بنت رح تفسدوا؟ عشان حفنة دولارات من منظمات نعرف كلنا أهدافها».

بينما دعا مغرد الحقوقية الأردنية إلى تقديم «دورة طبخ»: «لو تفتحي دورة طبخ أحسنلك، تعلمينا منسف وملوخية وشغلات. ع الأقل ما بتفوتي جهنم أنتي واللي بتدربيهم».

واعتبر مغرد آخر أن هذا ترويج لـ«دين جديد معاصر» تحت مسمى «النسوية»، قائلاً: «فرصة لمن يريد تعلم إحدى الديانات الجديدة المعاصرة، فقد بنيت (النسويّة) على 5: عقوق الأب، وكراهة الأخ، واحتقار الزوج، والعداء المطلق للرجل، والإيمان بالأنثى إلها لا شريك له».

ووصف آخرون الدورة بأنها «دورة لتعليم رفض الشريعة وأحكامها، عقوق الأب لأنه ذكر، التمرد على الزوج لأنه ذكر، طاعة مدير العمل بدل الزوج».

كما هاجم كثيرون الخيارات المتاحة لملء خانة «النوع الاجتماعي» في استمارة التقدم للمشاركة في الجلسات، وهي: «امرأة»، و«رجل»، و«أخرى»، و«يفضّل عدم التصريح».

تكفير

ووصل الأمر إلى تكفير هالة عاهد، وفق صانعة الأفلم آلاء حمدان، والتي كتبت على «تويتر»: «قبل قليل كاتب سياسي معروف من مصر كتب فتوى بتكفير النسوية واللي بيتبعها: (يخرج من الملّة ولا يُدفن بمقابر المسلمين، ولازم الرجل يطلق زوجته، ولا ترث ولازم تاخد دورات بالإسلام وإلّا بتكون مرتدّة).. وحط معها صورة هالة عاهد».

وقال مغرد آخر في الإطار ذاته: «على كل رجل قوّام في الأردن أن يمنع نساءه من حضور مثل هذه الجلسات التبشيرية بهذه العقيدة التكفيرية، الله يقول ذكر وأنثى وهم يقولون نوع اجتماعي، الله يقول الرجال قوامون وهم يقولون متساوون، الرسول يقول لن يفلح قوم ولّووا أمرهم امرأة وهم يقولون سيفلح، كل مبادئهم تصادم الشرع».

وذّكر مغردون بدفاع هالة عاهد عن مغتصب طفلة عمرها 14 سنوات: «طفلة في عمر الـ4 سنوات يخطفها فتى بعمر 17 عام ، يغتصبها ثم يقتلها ثم يدفنها، اسم الطفلة نيبال أبو دية، إذ بتتذكرو القصة، فاتذكرو أنه اللي دافع عن القاتل وحقوقه بكونه حدث هي السيدة الجليلة هالة عاهد».

ووصف معترضون على الندوات الحقوقية الأردنية بأنها «النسوية المتأسلمة»، نظراً لارتدائها الحجاب، معتبرين أنها «تحاول تغليف أفكار النسوية في إطار إسلامي»، وفق تعبيرهم.

وامتد الهجوم على هالة عاهد إلى حد وصفها أيضاً بـ«عميلة منظمات التمويل الأجنبي»، مع الدعوة إلى محاكمتها وسحب الجنسية الأردنية منها.

هالة عاهد ترد

وردت هالة عاهد على الهجوم وقالت عبر حسابها الرسمي في «تويتر»: «بعد الشتم والإخراج من الملة؛ ربما بات كل متابع ذي ذمة وأخلاق يعرف لماذا أنا نسويّة. أتفهم دوافع كل من علق ولست مضطرة لاحترام الكثير منها أو قبوله؛ فكثير منهم لا يعلم والإنسان عدو ما يجهل، ومنهم من ينكر أن للنساء حقوقاً ويعلنها مرة بذكورية صريحة ويغلفها مرات بتفسيره المشوه للدين، وآخرون يعرفون ولا يتفقون مع النسويّة كفكرة أو يختلفون مع ما يعرفون من مدارسها وهذا حقهم».

وتابعت: «الجلسة تعريف بمبادئ النسويّة ومدارسها، والطرح تعريفي ونقدي في آنٍ واحد. فأنا هالة عاهد أختلف كما كثير من النسويّات مع نسويّات أخريات في العالم ونختلف مع النسويّة الليبرالية والكوليناليّة، وننتقد مدارس أخرى لا نشاطرها تمام الفهم».

واختتمت «لكننا نسعى في حراكنا لمحاربة التمييز لتطوير أدواتنا، مستفيدات من تجارب النساء في العالم ومنطقتنا، مراعيات تحدياتنا وخصوصيتنا دون أن نكون مستسلمات لها أو مرعوبات من الانتقاد والهجوم. هذه قضيتي، مثل قضايا الحقوق والحريات والعدالة الاجتماعية».

المنظمون

وأصدرت منظمة «أهل» المنظمة للحدث بتوضيح قالت فيه: «جاءتنا أسئلة وتعليقات عديدة عن الجلسات التي أعلنا عنها، ونؤكد أنها جلسات تعليمية ونقاشيّة عن مبادىء النسويّة. نتعلم لنفهم ونفكر ونختار. نتطرق لمدارس النسويّة المختلفة ومجموعة من المفاهيم الأساسية في الفكر والحراك النسوي. ونتطلع على نماذج التحري النسويّة من دول عربية وحقب تاريخية مختلفة».

وأضافت المنظمة: «الجلسات هي جزء من عمل مع مجموعات صغيرة من النساء اللواتي يعملن على قضايا تخص المرأة في مجتمعاتهن وتسعى لإحداث تغيير يخدم هذه المجتمعات (العنف الجسدي على المرأة والأطفال، العنف الرقمي، المرأة في العمل كأمثلة). اخترنا أن تكون وجاهية لتعزيز العمل ضمن المجموعة الصغيرة في أيام متباعدة».

واختتمت «نثق بالأستاذة هالة عاهد لأنها نسويّة دون أن تنصاع لأي شيء غير مبادئها، ولأنها دون أي شك من أكثر الناس قدرة على نقل الخبرة والمعرفة للدفاع عن الحقوق بأصالة لهذه المجموعة المحظوظة من النساء الساعيات للتغيير».