تقرير: لماذا تأخرت إسرائيل في دخول غزة بريا؟

تأجيل دخول جيش الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة بريا للمرة الثانية أثارت تساؤلات وتوترات في الأوساط السياسية والإعلامية، ورغم أن الأسباب وراء هذا التأجيل قد تكون متعددة، إلا أن الخلافات المتصاعدة بين نتنياهو وبين الإستخبارات وبعض أجهزة الدولة تبرز كواحدة من العوامل الرئيسية، وضعف جنودهم، وانهيار اقتصاد الاحتلال الإسرائيلي، يثير تساؤلات كثيرة حول نهاية هذه الحرب أو المجازر التي يرتكبها الاحتلال في حق الأطفال والنساء والشيوخ في قطاع غزة.

مخاطر تنتظرهم

من الناحية الأمنية، تعتبر إسرائيل دخول غزة بريا مرة أخرى خطوة محفوفة بالمخاطر، حيث تنتظرهم حماس وهي على علم بالأماكن والثغرات التي من الممكن تدمير قواتهم في اسرع وقت، وتخشى إسرائيل من تصعيد العنف والاشتباكات المحتملة في حالة دخولها للقطاع بريا مرة أخري، مما يجعلها تتردد في اتخاذ هذه الخطوة.

ومن جانب أخر أن الجندي الإسرائيلي ببساطة غير مجهز كفاية لخوض حرب برية أخرى، وهو رغم ذلك مدفوع إليها دفعا، ولأن قدرات حماس في تصوير مهامها ونشرها عبر وسائل الإعلام قد ارتفعت وباتت أكثر احترافية، فإن رجال السياسة وجنرالات الحرب الإسرائيليين لا بد أنهم خائفون من أن تُبث هزائمهم أمام مرأى ومسمع العالم، وتتحول إلى فضيحة جديدة لدولة تُصدِّر نفسها على أنها الأقوى على الإطلاق في المنطقة.

خلافات بين الأجهزة

كما ذكرالإعلام الإسرائيلي بوجود خلافات متصاعدة بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وبين الاستخبارات وبعض أجهزة الدولة واحدة من العوامل التي تؤثر على هذا القرار.

منذ فترة طويلة، شهدت إسرائيل خلافات داخلية بين نتنياهو وأجهزة الاستخبارات وبعض أجهزة الدولة، وتتعلق هذه الخلافات بالعديد من القضايا، بما في ذلك السياسة الأمنية والاستراتيجية والتعامل مع القضية الفلسطينية.

وتعتبر أجهزة الاستخبارات في إسرائيل من أهم الجهات التي تقدم تقارير وتوصيات للحكومة بشأن الأمن القومي والتهديدات الأمنية المحتملة ومع ذلك، يعتبر نتنياهو أن بعض هذه التوصيات تتعارض مع سياساته وأجندته السياسية، مما يؤدي إلى تصاعد الخلافات بينه وبين أجهزة الاستخبارات.

سياسة الاستيطان

وتختلف وجهات النظر بين نتنياهو وبين بعض أجهزة الدولة بشأن الحل الأمثل للصراع، وتعتبر سياسة الاستيطان والتوسع الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية المحتلة أحد النقاط الخلافية الرئيسية بينهما.

تؤثر هذه الخلافات المتصاعدة على قرارات إسرائيل بشأن دخول غزة بريا للمرة الثانية، حيث يتأثر القرار النهائي بالتوصيات التي يتلقاها نتنياهو من أجهزة الاستخبارات وبالتوجهات السياسية الشخصية للرئيس الإسرائيلي.

خسائر فادحة

تظل "الكلفة المادية" لهذا السيناريو محل تساؤل، ومدى قدرة تحمل الاقتصاد الإسرائيلي الخسائرالفادحة جراء التصعيد، وتوقف النشاط الاقتصادي إلى حد كبير مع استدعاء الجنود الاحتياط علاوة على متطلبات الاجتياح للمرة الثانية، وما إذا كان الدعم الأميركي والغربي سيكون كفيلاً باستمرار الجانب الإسرائيلي في حرب طويلة من عدمه.

وذكر محافظ بنك إسرائيل، أن الحرب البرية مرة أخري ستكون لها تداعيات مباشرة على الميزانية العامة، لكنه توقع في الوقت نفسه أن تتم السيطرة على هذه الضغوط بسبب الظروف المالية القوية للاقتصاد الإسرائيلي ، كما نقلت تقارير إعلامية أميركية أن السلطات الإسرائيلية طالبت بدعم أميركي طارئ قيمته 10 مليارات دولار.

وتحاول الأطراف الدولية والمنظمات الدبلوماسية التوسط للتوصل إلى اتفاق سلام أو هدنة بين إسرائيل والفلسطينيين، بحسب news.un، وقد تكون هذه الجهود الدبلوماسية أحد الأسباب التي تؤجل دخول إسرائيل لغزة بريا للمرة الثانية بعد أن تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة، قرارا عربيا يدعو إلى هدنة إنسانية فورية ودائمة ومستدامة، تفضي إلى وقف الأعمال العدائية وإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، حيث يتم تأجيل القرارات العسكرية لإتاحة الفرصة للحوار والتفاوض، والعمليات البرية المحدودة، تبدو كأنها بديل للعملية البرية الواسعة في هذه المرحلة، لاختبار قدرات حماس من جهة، وانتظار نضوج صفقة لإطلاق سراح أسرى إسرائيليين في قطاع غزة مقابل هدنة إنسانية.