قمة ومواجهة

كان لقاء عالمي مشهود نجحت فيه القيادة السعودية في وضع العالمين العربي، والإسلامي أمام مسئولياتهم الدينية، والقومية والثقافية، منذ بدأت الحرب الإسرائيلية على المواطنين الفلسطينيين العزل في غزة على إثر ماقام به فصيل سياسي فلسطيني مدعوم من قوى وفاعلين ما دون الدولة في المنطقة حاول البعض صناعة خطاب تكسبي يحصل منه على مزيد من الدعم المعنوي، والسياسي.

هذا الخط ليس غريب في منطقتنا وربما يتذكر الناس أن رئيس دولة إقليمية خطب في الأسابيع الأولى في مظاهرة حاشدة في عاصمة بلاده بين عدد محدود من الأعلام الفلسطينية وفي خضم موج من أعلام وشعارات حزبية لبلاد، وكأن الموضوع تكسب غير مباشر على حساب القضية، دولة إقليمية جندت شذاذ الآفاق في المنطقة و أسمتهم أذرع المقاومة وراحت تساوم بطيشهم وبقدرتها على اتخاذ القرار نيابة عنهم، لدرجة أن قائد حزب سياسي في بلد عربي صغير تسميه بعض الفضائيات بالزعيم اجتهد في تبرير عدم اشتراكه وحزبه في الذود عن أهل غزة بأنه يدرس الأمر ويقوم بتكتيكات عسكرية تسمى في العلوم العسكرية الميليشياوية بإشغال العدو!!

المملكة جمعت الكل وقادت القمة العربية الإسلامية المشتركة الأولى بأن قسمت الأمر إلى ثلاث دوائر، على النحو التالي: في الدائرة الأولى تم باقتدار توصيف الأزمة وتحديد أبعادها المحلية والإقليمية والدولية. وفي الدائرة الثاني تم وصف العلاج الممكن والمتوفر في صيدلية العرب والمسلمين دون مزايدة، ودون متاجرة، وفي الدائرة الأخيرة تم الاقتراب بقدر الممكن، والممكن فقط من التحرك المرحلي، ومن اقتراح الحلول البعيدة المدى والقادرة عملياً على وقف دايرة الصراع المستمرة منذ مايقرب من ثمانية عقود.

بعبارات أوضح العرب، والمسلمين ليس لديهم اليوم الكثير من الخيارات التي يمكن تفعيلها لإحداث أثر عملي على الأرض بمعنى قدرة التاثير في الأحداث، وفي حالة مايحدث في غزة ليس لهم القدرة العملية على إيقاف قتل المدنيين وتجويعهم ودفعهم لإخلاء الأرض. هذا الفهم في حقيقته نابع من خلل بنيوي في الجسدين العربي، والإسلامي مؤداه الجامع الحقيقي لهاتين المنظومتين ليست أكثر من منظمات فقدت بريقها، وتاثيرها منذ عقود.

يضاف إلى ذلك حالة الكيد السياسي الذي أصبح سمة للعمل السياسي العربي في العقود المتأخرة، ويدعمه حالة الشرذمة الإقليمية التي تحاول بكل أشكال الدعم افراغ المنظومة العربية بالذات من معنى الوحدة، والاجتماع، وحتى التوافق على العموميات، وفي المقابل سعت هذه القوى إلى استبدال المعاني والثوابت في العمل السياسي العربي، ولفهم هذه الجزئية نعود بالذاكرة إلى سبعينيات القرن الماضي ونعود لحرب التاسع من أكتوبر للعام ١٩٧٣م ونتذكر القوى الفاعلة في الواقع وفي الذهن السياسي وحتى الإعلامي في ذلك الوقت بطبيعة الحال كان الزعامات السياسية مثل المغفور لهما الملك فيصل والرئيس المصري أنور السادات، ربما ذلك زمن مضى بكل هيبته ووقاره وعلى الأجيال بناء زمنها لانها المسئولة الوحيدة عنه.