طالبة سعودية تحصل على شهادة الماجستير بعد عامين من وفاتها

لم يدر في خلدها، أنها ستكون على موعد مع الزائر الثقيل، في وقت ضاعفت نشاطها العلمي، والأكاديمي من أجل نيل شهادة في درجة الماجستير، بيد أن أبدية الموت لامست روح الراحلة "خلود" في المراحل الأخيرة من إعداد رسالة الدرجة العلمية، نتيجة إصابتها بمرض سرطان المريء، حتى أنها فارقت الحياة بعد جرعة واحدة من العلاج الكيميائي.

 

ولم يذهب جهدها سدى، فبعد عامين من وفاتها منحت جامعة الملك عبد العزيز في جدة، في إطار مبادرة أكاديمية إنسانية، درجة الماجستير للطالبة، بعد أن أوشكت إنجازها في آخر مراحل إعداد الدرجة العلمية، فيما ضاعفت الدكتورة فاطمة يوسف، المشرفة على دراسة الطالبة، جهودها لإكمال إجراءات إجازة الرسالة ومناقشتها.

" الوئام" التقت المشرفة على الدراسة، وكشفت بأن "خلود" -رحمها الله- أنهت رسالتها بجزئيها النظري والميداني وأعدت العرض التقديمي لمناقشتها ولكن وافتها المنية قبل المناقشة والحصول على الدرجة.

 

وأضافت أن الطالبة توفيت قبل سنتين ولذلك تم طي قيدها في النظام، حتى تقدمت الكلية لعمادة الدراسات العليا بأن الطالبة أنهت جميع متطلبات الحصول على الدرجة، من حيث الانتهاء من الدراسة والنشر العلمي وحتى إعداد العرض الخاص بالمناقشة، ووافقت العمادة على إعادة قيد الطالبة وتشكيل لجنة المناقشة.

 

اجتهاد منقطع النظير

 

وأشارت إلى أنه تم إجراء المناقشة بحضور المناقش الخارجي والداخلي والمشرفة على الطالبة، التي قدمت العرض الخاص بالدراسة وخضعت للمناقشة وأوصت اللجنة بمنح الدرجة العلمية للطالبة.

 

وتحدثت الدكتورة فاطمة يوسف عن الطالبة مشيدة بأخلاقها، مشيرة إلى أنها من أفضل الطالبات اللاتي مررن عليها، رغم أنها لم تدرّسها.

 

وروت قصة التعارف الأول بينهما، موضحة أن ‎القصة بدأت من اختيار الطالبة لها كمشرفة، حيث طلبت منها الإشراف على دراستها لأنها سمعت عن أخلاقها وإنسانيتها.

 

وأضافت أن الطالبة بدأت في إجراءات تسجيل الرسالة والبحث العلمي، موضحة أنها استطاعت في فترة قصيرة أن تتعلم أسلوبها وطريقتها في الكتابة حتى أصبحت لا تفرق بينهما.

 

وكشفت عن أن الطالبة كانت حريصة ومجتهدة، حتى في شهر رمضان حيث كانت تكمل دراستها بعد صلاة التراويح، وكأنها كانت تشعر بدنو أجلها.

 

وأشارت إلى أن الطالبة بعد رمضان عملت على الدراسة الميدانية، وكانت مصرة على الإنجاز رغم عقبات جائحة كورونا، وكان كل أملها أن يفرح أهلها بنيلها درجة الماجستير.

 

وصلت الطالبة خلود لمرحلة متقدمة في الدراسة لدرجة أن العرض المستخدم في المناقشة كانت قد جهزته، وفقا لتعبيرها.

 

الأيام الأخيرة في حياة الطالبة

 

وعن الأيام الأخيرة في حياتها، قالت إن الطالبة كانت تعمل على الملاحظات والتعديلات النهائية، لكن ملامح التعب ظهرت عليها، وبدأت بالخضوع للفحوصات الطبية واتضح أنها مصابة بسرطان في المريء، ولم يمهلها المرض فبعد أسبوعين من الفحص كانت قد فارقت الحياة بعد جرعة واحدة من العلاج الكيميائي.

 

تتذكر الدكتورة فاطمة كلام الطالبة الراحلة وإصرارها ومجهودها الكبير الذي بذلته وأنجزت فيه رسالتها، موضحة أنها كانت تحاول أن تحقق لها أمنيتها.

 

وأكدت أنها بدأت محاولات عدة لتحقيق حلم الراحلة، إلا أن محاولاتها تعثرت داخل الكلية، واستمرت محاولاتها لمدة سنتين، رغم حصولها على موافقة من عمادة الدراسات العليًا لجامعه الملك عبدالعزيز، إلى أن تم تعيين عميدة جديدة للكلية هي البروفيسورة نهلة قهوجي، فشجعت الخطوة بعدما أبدت عمادة الدراسات العليا بقيادة أ. د سعود السلمي ود. خلود الصالح موافقتها على الإجراء.

 

ووجهت الشكر للأستاذة ميادة أبو زيدان ووكيلة الدراسات العليا البروفيسورة إيناس سرور، لدعمها كل محاولاتها السابقة حتى الحصول على الموافقة.

 

وأكدت استكمال إجراءات تشكيل لجنة المناقشة وكان في عضويتها الدكتورة اعتماد حويت (مناقش خارجي)، والدكتورة أروى تركستاني، (مناقش داخلي) وأجريت المناقشة بحضور كبير من أهل الطالبة خلود وزميلاتها، وأصدرت اللجنة توصيتها بمنح الدرجة العلمية.

 

كلية علوم الإنسان والتصاميم  تعزز القيم الإنسانية

 

من جانبها أكدت الأستاذ الدكتور نهلة بنت محمود قهوجي عميدة كلية علوم الإنسان والتصاميم لـ “الوئام” ، إن الكلية تعزز القيم الإنسانية وتحرص على الاعتراف بالحقوق وتقدير إنجازات المنسوبات والطالبات.

 

وأوضحت أن لجنة المناقشة أوصت بمنح الدرجة، مشيرة إلى أن هذه السابقة للكلية تمت بفضل الله ثم بجهود مشرفتها مشكورة باستكمال إجراءات إجازة الرسالة ومناقشتها، موجهة الشكر للدكتورة فاطمة محمد علي يوسف عضو هيئة التدريس بقسم الغذاء والتغذية على مبادرتها واهتمامها.

 

كما وجهت الشكر لوكالة الكلية للدراسات العليا والبحث العلمي ممثلة في الأستاذ الدكتور إيناس سرور والزميلة الأستاذة ميادة أبو زيدان على الجهود المبذولة في التواصل والتنسيق مع عمادة الدراسات العليا بجامعة الملك عبدالعزيز وللعمادة على دعم هذه التوجهات الإنسانية والتي ستخلد في العقول والقلوب.

 

يذكر أن هذه البادرة الإنسانية قد خففت من وطأة الفقد على أسرة الطالبة خلود رحمها الله، كما تحسب لجامعة الملك عبدالعزيز على موقفها الإنساني الذي يعزز  القيم الإنسانية ويؤكد حرصها على حقوق وتقدير إنجازات منسوبيها وطلابها.