كشفت دراسة حديثة أن المشاهير لا يقدمون محتوى جادًا أو عميقًا، وإنما يقتصر تأثيرهم على السلوك الاستهلاكي للجمهور من خلال المحتوى الترفيهي أو التسويقي، وهم أفراد لا تجمعهم أي رابطة أو كتلة أيديولوجية، فيما أكدت أن المؤثرين هم نخب رقمية تنضوي تحت كتلة أيديولوجية وتباشر دورًا معرفيًا ذا رسالة.
وأشارت الدراسة إلى تراجع المكون النخبوي التقليدي في المجتمع السعودي، وضعف تأثيره وحضوره بصورة ملحوظة، مع فقد النخبة فكرتها المحورية وهي فكرة القيادة أمام واقع الكثرة المتنامية.
جاء ذلك في دراسة للدكتور سعيد بن أحمد الدحية الزهراني في 800 صفحة نال من خلالها درجة الدكتوراه في فلسفة الاتصال الرقمي من كلية الإعلام والاتصال بجامعة الإمام محمد بن سعود، عن رسالته "السلوك الاتصالي للنخب الثقافية السعودية عبر شبكات التواصل الاجتماعي".
وخلصت الدراسة إلى مجموعة من النتائج، من أبرزها: ظهور شكل نخبوي جديد في الحضارة الرقمية، وهو (نخبوية النظام الرقمي)، أكثر تغولاً وأوسع شمولاً وبأدوات تأثير ونفوذ عابرة للأزمنة والأمكنة والثقافات والأجيال والمجالات، والمتمثلة في شركات ومؤسسات تكنولوجيا المعلومات والاتصال بأنظمتها الخوارزمية اللوغاريتمية، وملاك تلك الشركات والمؤسسات، والحكومات التي تقع في إطارها، وبروز فعل نخبوي جديد عبر عنه الباحث بمفهوم (النخبة الموازية) عبر صيغ البنية التكنورقمية والسلوك الاتصالي المتضافر لدى الأفراد.
وتشير نتائج الدراسة إلى أن المرجعيات الفكرية للنخب السعودية متنوعة، ولكنها تتركز حول التيارين المحافظ والليبرالي. حيث ينتمي ثلث أفراد العينة إلى التيار المستقل أو المحايد أو الفني، بينما ينتمي الثلثان الآخران إلى التيارات المتضادة، وهما التيار المحافظ والتيار الليبرالي.
ورغم أن التيارات المتضادة تمثل نسبة أقل من المجتمع السعودي، إلا أن صوتها هو الأعلى في المجال العام، مع الإشارة إلى ميل الكفة إلى فئة التيار الليبرالي، ولاسيما المعني بالهموم الوطنية
ويفسّر الباحث هذه النتيجة بمجموعة من العوامل، منها: سياسة الانفتاح التي تنتهجها المملكة العربية السعودية في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، والتي تغلب صوت التسامح والانفتاح المتزن ومحاربة التشدد والتطرف، وحالة الاعتراف التي لم تكن مشهودة في الفترات السابقة حيال مصطلح (ليبرالي)، إلى جانب القبول بالتوصيف أو التصنيف بمصطلح (ليبرالي).
وتشير النتائج السابقة إلى أن المرجعيات الفكرية للنخب السعودية تتغير بمرور الوقت، وتعكس التحولات التي تشهدها المملكة العربية السعودية. كما تشير النتائج إلى أن التيار الليبرالي هو الأكثر حضورًا في المجال العام السعودي، ويعزى ذلك إلى عدة عوامل، منها سياسة الانفتاح التي تنتهجها المملكة العربية السعودية.
وتظهر النتائج وجود اتجاه فكري يرى أن المستقبل سيشهد اندثار مصطلح النخب في مقابل ازدهار مصطلح المشاهير، أي أن ثمة انقلاباً في دلالة المصطلح، لأن مصطلح النخب في أصله مصطلح موروث من الحضارة التقليدية، وحين تفارق الأجيال التقليدية الحياة (الرقميون المهاجرون)، فستواصل الأجيال الشبكية (الرقميون الأصليون) حياتها ومراحلها وفقاً لمصطلح المشاهير الذي تولّد ضمن بيئتهم الرقمية.
وعنيت الدراسة بتقصي البعد الإقناعي الاستمالي في خطاب النخب السعودية وبرز أسلوب الصدمة الذي يقوم على تقديم معلومات أو آراء صادمة للمتابعين للفت نظرهم وإقناعهم بالأفكار بما يُحقق لهم لفت الانتباه والجذب وبالتالي الانتشار والتأثير.
واختارت الدراسة عينة من 20 مثقفا سعوديا من النخب المتفاعلة على شبكة تويتر (إكس حاليا).
وجاءت القائمة على النحو التالي:
المجال السياسي: د. خالد بن سليمان الدخيل (الشخصية الأولى)- عبدالرحمن بن حمد الراشد (الشخصية الثانية)
المجال الديني: الشيخ أحمد بن قاسم الغامدي (الشخصية الأولى)- الشيخ عادل بن سالم الكلباني (الشخصية الثانية)
المجال الاقتصادي: إحسان بن علي أبو حليقة (الشخصية الأولى)- فهد بن شديد البقمي (الشخصية الثانية)
مجال الفكر والرأي: د. عبدالله بن محمد الغذامي (الشخصية الأولى)- د. تركي بن حمد الحمد (الشخصية الثانية)
مجال الأدب والإبداع: د. سعد بن عبدالرحمن البازعي (الشخصية الأولى)- عبده بن محمد خال (الشخصية الثانية)
المجال الرياضي: بتال بن ساير القوس (الشخصية الأولى)- خالد بن صالح الشنيف (الشخصية الثانية)
المجال الاجتماعي: د. عبدالسلام بن وايل الوايل (الشخصية الأولى)- د. حمود بن علي أبو طالب (الشخصية الثانية)
المجال الإعلامي: د. محمد بن عبدالعزيز الحيزان (الشخصية الأولى)- عضوان بن محمد الأحمري (الشخصية الثانية)
المجال الصحي: د. خالد بن عبدالله النمر (الشخصية الأولى)- د. فهد بن محمد الخضيري (الشخصية الثانية).
المجال التقني: فيصل بن عبدالوهاب السيف (الشخصية الأولى)- هاني بن إبراهيم الغفيلي (الشخصية الثانية).