المدينة الإعلامية وحي الإعلاميين

نقاشٌ حادٌ دار بيني وبين زملاء إعلاميين قبل عدة سنوات حول موضوع الإسكان، كنت أنظر له من زاوية إيجابية يغلفها التفاؤل وحسن الظن، وينظرون إليه من زاوية التشاؤم والسوداوية، تناقشنا غير مرّة حول استحقاق المواطن للسكن المناسب.

وكانت معظم الآراء التي تطرح في تلك الفترة تدور حول الخطط البطيئة والعمل السيء لوزارة الإسكان على حد تعبيرهم، واليوم وبعد مضي أكثر من 6 سنوات على ذلك النقاش، وبعد الأخبار التي طالعتنا بها وسائل الإعلام المحلية مؤخراً، حول التسهيلات التي ستقدمها وزارة الإسكان للإعلاميين بالتعاون مع وزارة الإعلام، ماذا سيكون رد أولئك المتذمرين!

لقد كنت حينها على ثقة كبيرة بالله، وبأن القادم الأفضل سيأتي بحول الله، وعلى ثقة بولاة أمر هذه البلاد العظيمة، الذين لا يألون جهداً في توفير كل ما يخدم المواطنين ويسهل تعاملاتهم، إن ولاة الأمر حفظهم الله والمسؤولين عن القطاع السكني يولون المنتسبين لمهنة الإعلام أهميةً خاصة، وذلك ليس تمييزاً لهم عن غيرهم من شرائح المجتمع؛ وإنما إيماناً منهم بدور الإعلام في تنمية المجتمع، وتقديراً لحجم المسؤولية الملقاة على عواتقهم في دفع مسيرة التطور والإزدهار في مختلف المجالات.

لم تقف الاتفاقية بين الوزارتين عند حد توفير الوحدات السكنية للإعلاميين فحسب، بل تجاوزت ذلك إلى منح القروض الحسنة لمستحقي الدعم السكني بفئات مختلفة، إضافةً إلى خصومات خاصة على المنتجات السكنية بالاعتماد على الدخل الشهري لكل إعلامي.

وحيث أن الإعلاميين - كما ذكر معالي وزير الإسكان - شركاء في التنمية، ولهم دور محوري في نشر المعرفة ورفع الوعي في المجتمع، وحلقة وصل فاعلة بين الجهات الحكومية وأفراد المجتمع كافة، عبر مختلف الوسائل والمنصات الإعلامية، فقد أتاحت الاتفاقية لهم فرصة الحصول على حلول تمويلية، ومزايا وتسهيلات إضافية تساهم في سرعة حصولهم على السكن المناسب.

ومن المبادرات التي لا بد من الإشارة إليها والحديث عنها، ما تم إعلانه بعد تلك الاتفاقية حول تأسيس جمعية أهلية لدعم الإعلاميين تحت مسمى "مداد" وهي من المبادرات المميزة والتي من المتوقع أن يكون لها أثر إيجابي في توفير السكن المناسب للإعلاميين، بالإضافة لتقديم الدعم التنموي والرعاية لمن قدموا خبرة سنوات عمرهم في خدمة العمل الإعلامي، وتجسيداً للمسؤولية الاجتماعية للوزارة تجاه تلك الفئة.

وانطلاقاً من كوني أحد الإعلاميين السعوديين المنتمين لهذه المهنة، فلدي رسالتين سأسعى لإيصالهما في هذا المقال: الأولى رسالة شكر لولاة أمرنا حفظهم الله، على تلك الجهود العظيمة التي يبذلونها عرفاناً وامتناناً بدورنا في المجال الإعلامي.

والرسالة الثانية رسالة نصح لزملائي الإعلاميين، بضرورة الابتعاد عن السلبية والسوداوية في الطرح، وأهمية انتقاء الرسائل المناسبة، وضرورة اختيار الوسائل المساعدة على تحقيق الأهداف التي يسعى إليها قادة هذه البلاد، والتي من شأنها المساهمة في تنمية ورفعة المجتمع.

وعلينا أن ندرك جميعاً أن النظر من الزاوية السلبية لقضايا مجتمعنا لا يعطي انطباعاً سيئاً عنا أمام الجميع؛ بل يتسبب أيضاً في نشر حالة الإحباط والتخاذل لدى أفراد المجتمع، وهو ما لا نسعى إليه ولا نرضى أن يكون سمةً لنا.