الدكتور سامح عادل – استشاري التدريب والتطوير المؤسسي
في شهر رمضان، تتجلى القيم الأخلاقية في أبهى صورها، ومنها قيمة الاحترام في القيادة، التي تعدّ من أهم الركائز لنجاح أي قائد في إدارة فريقه. ومن أروع النماذج التي تجسد هذا المبدأ هي تعامل النبي (صلى الله عليه وسلم) مع أنس بن مالك، خادمه الذي لازمه عشر سنوات، ولم يسمع منه قط كلمة نابية أو توبيخًا قاسيًا.
وقال أنس “خدمتُ النبي عشر سنين، فما قال لي أفٍّ قط، وما قال لي لشيء صنعتُه: لمَ صنعتَه؟ ولا لشيء تركتُه: لمَ تركتَه؟ وكان رسولُ الله ﷺ من أحسن الناس خُلُقًا”.
القيادة بالاحترام في بيئة العمل
الاحترام في القيادة لا يعني التهاون، لكنه يعكس رؤية القائد الحكيم الذي يدرك أن التقدير واللطف يزيدان من ولاء فريق العمل وإنتاجيته. فكما كان “النبي”ﷺ يعامل أنسًا برفق، كان هذا السلوك سببًا في حب أنس له، وإخلاصه في خدمته. وهذا ما تحتاجه المؤسسات اليوم؛ قائد يُلهم موظفيه بدلًا من أن يرهبهم، ويدفعهم للعمل بحب بدلًا من الضغط والإكراه.
التواصل الفعّال واحترام الفريق
كان “النبي” مثالًا للقائد الذي يصغي إلى من حوله، فلا يقاطع، ولا يقلل من شأن الآخرين. وفي الإدارة الحديثة، يُعدّ الاستماع الفعّال واحترام آراء الفريق أحد أهم أدوات القيادة الناجحة. عندما يشعر الموظف بأن رأيه مسموع ومقدر، فإنه يصبح أكثر حماسًا للمساهمة في تحقيق أهداف المؤسسة.
التسامح مع الأخطاء وبناء بيئة آمنة
من أعظم الدروس المستفادة من قصة أنس أن “النبي” ﷺ لم يكن يعاتبه على الأخطاء، بل كان يوجهه بحكمة، مما عزز ثقة أنس بنفسه. في بيئات العمل، القادة الذين يتبنون سياسة التسامح مع الأخطاء ويساعدون فرقهم على التعلم منها، يخلقون بيئة عمل محفزة تدفع الموظفين للابتكار دون خوف.
تحفيز الفريق بالقدوة الحسنة
لم يكن النبي يطلب من الآخرين ما لا يفعله بنفسه، بل كان قدوة في العمل والتعامل الحسن. وفي رمضان، عندما يكون الإرهاق عاليًا، يظهر القائد الحقيقي الذي يُحفّز فريقه بالصبر، ويدير العمل بحكمة، ويقدم لهم الدعم النفسي والمهني.
ختامًا، الإدارة الناجحة ليست في إصدار الأوامر فقط، بل في بناء جسور الاحترام والثقة بين القائد وفريقه.
ومثلما كان “النبي “ﷺ قائدًا محببًا لأصحابه، يمكن لأي قائد اليوم أن يستلهم من هذا النهج ليحقق بيئة عمل ناجحة ومثمرة، خاصة في رمضان حيث تتجلى قيم الصبر والرحمة والاحترام بأوضح صورها.