تسعى شركات التكنولوجيا الكبرى في الولايات المتحدة إلى تخفيف القيود التنظيمية على تطوير الذكاء الاصطناعي، بدعم مباشر من إدارة الرئيس دونالد ترمب، التي تتبنى نهجًا يهدف إلى تسريع الابتكار بأي ثمن، حتى لو كان ذلك على حساب السلامة والرقابة.
منذ بداية ولايته، اتخذ ترمب خطوات جذرية لتحرير قطاع الذكاء الاصطناعي من القيود التي فرضتها إدارة بايدن السابقة.
فقد ألغى الرئيس الأمريكي السياسات التي كانت تهدف إلى وضع ضوابط على تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، متجاهلًا المخاوف المتعلقة بانتشار التزييف العميق، وتأثير هذه التقنيات على سوق العمل، والتهديدات المرتبطة بالأمن القومي.
في قمة الذكاء الاصطناعي الأخيرة في باريس، أعلن نائب الرئيس الأمريكي، جيه دي فانس، أمام الحضور أن “الذكاء الاصطناعي لن يتطور إذا كنا منشغلين بالسلامة أكثر من الابتكار”، وهو تصريح أثار مخاوف لدى الشركاء الدوليين، خصوصًا في أوروبا، التي لطالما سعت إلى فرض رقابة مشددة على هذه التكنولوجيا.
مع تصاعد الضغط الأمريكي، بدأت الدول الأوروبية في إعادة النظر في نهجها الصارم، مفضلةً التركيز على الاستثمار والابتكار بدلاً من فرض قيود مشددة على قطاع الذكاء الاصطناعي.
ويشير البروفيسور ديفيد دانكس، أستاذ علوم البيانات في جامعة كاليفورنيا، إلى أن العالم قد يشهد “تراجعًا كبيرًا في جهود التنظيم، ليس فقط في الولايات المتحدة، بل في أوروبا أيضًا”.
وجدت شركات التكنولوجيا الكبرى الفرصة سانحة للتخلص من الضوابط التنظيمية، حيث تدعو إلى تحرير قطاع الذكاء الاصطناعي بالكامل من أي قيود حكومية. وقدمت كبرى الشركات، مثل OpenAI وميتا وغوغل، مقترحات للبيت الأبيض تؤكد على ضرورة إزالة العوائق التنظيمية لمنافسة الصين، التي حققت تقدمًا هائلًا في هذا المجال.
وتعتبر شركة OpenAI واحدة من أكثر الشركات حماسًا لتحرير القطاع، محذرةً من أن “التنظيم المفرط سيمنح الصين تفوقًا في سباق الذكاء الاصطناعي، مما قد يهدد القيم الديمقراطية”.
كما شددت الشركة على أن الحد من استخدام البيانات المحمية بحقوق النشر سيعرقل تطور نماذج الذكاء الاصطناعي الأميركية.
أما شركة ميتا، فقد أكدت أن “نماذج المصدر المفتوح ضرورية للحفاظ على تفوق الولايات المتحدة في هذا السباق التكنولوجي العالمي”، فيما دعا مارك زوكربيرغ إلى فرض تعريفات جمركية انتقامية على أوروبا بسبب سياساتها التنظيمية المتشددة.
في ظل هذا التوجه الجديد، يُحذّر الخبراء من أن غياب الرقابة قد يؤدي إلى نتائج كارثية.
فبالإضافة إلى المخاطر الأمنية، يخشى البعض من أن يؤدي انتشار تقنيات التزييف العميق إلى موجة من المعلومات المضللة التي قد تهدد الديمقراطيات الغربية.
يقول دانكس: “في غياب التنظيم، ستكون شركات التكنولوجيا مسؤولة وحدها عن احتواء المخاطر، ولكن إذا حدثت كوارث تقنية، فستواجه تداعيات قاسية من الرأي العام”.