ابتلاع السلطة

د. سالم اليامي

مستشار سابق بوزار الخارجية، كاتب وباحث في العلاقات الدولية. كاتب رأي في الصحافة الوطنية منذ 2012.

كثير من الحوادث التي أودت بحياة بشر ومخلوقات أخرى محاولة ابتلاع مايفوق قدرة من يقوم بعملية البلع على اتمام عملية البلع ثم الهضم، في السياسة أيضاً تشكل عملية الابتلاع للسلطة أو للصلاحيات خطر لا تدركه جهات كثيرة، الجيوش في العالم الثالث وفي كثير من دوله لعبت دور كبير في تشكيل النمط السياسي لعدد من الدول ومع ذلك بقت مطالبة القوى المدنية تشكل نجاحات بحضورها الذي يسعى للتغير من تيمة النظام السياسي العام ومحاولة تمدينه بمعنى رفع يد العسكريين عن السلطة واقناعهم أن دورهم هو حماة الأمن للبلاد وحماية النظام السياسي الذي غالباً ما يكون مدنياً في معظم بلدان العالم.

في السودان صدرت قبل أيام من الجيش أوامر عن طريق النيابة العامة تقضي بتوجيه تهم كبيرة وغير منطقية لتيار مدني تقوده شخصيات سياسية مستقلة

التهم وجهت لتيار تقدم المعروف بتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية وهذا التيار حدث النشأة في السودان حيث تبلور في شهر أكتوبر الماضي ويحوي عدد من القوى المدنية والسياسية والمهنية وبعض الحركات المسلحة الساعية لوقف الحرب في السودان، تنسيقية تقدم قامت بعملية ربما هي التي قصمت ظهر البعير كما يقولون حيث اجتمعت بقائد قوات الدعم السريع الجنرال محمد حمدان دقلو في شهر يناير ٢٠٢٤ ووقعت معه اتفاق لوقف الحرب بهدف تكرار نفس الخطوة ما قائد الجيش الجنرال البرهان لكن البرهان وقوئ الجيش والقوى السياسية التي تأثر عليهم فسروا البلاد لتلك التنسيقية مع قائد الدعم السريع يعد تضامناً مع الدعم وأن هذه القوى السياسية المدنية أصبحت جناحاً سياسياً لقوات الدعم وتقوى هذا الفهم عندما رفض البرهان الاجتماع بالتنسيقية.

مراقبون مهتمون بالشأن السوداني فسروا قرار الجيش بتجريم قوى تقدم وطلب من ستة عشر شخصية سياسية من عناصر تقدم تسليم أنفسهم للأمن السوداني خلال أسبوع وذلك لانهم متهمين بتهم لا تتناسب وحجم هذه الشخصيات من هذه التهم أولاً إثارة الحرب ضد الدولة والمقصود هنا ضد الجيش وتيار الأخوان المتحالف معه ثانياً أن هذه القوى تقوض النظام الدستوري وهذا غريب في الحقيقة حيث الجيش يدير البلاد بدون أي اكتراث بما يسمى بالدستور المدني للبلاد ثالثاً آن تقدم قامت بجرائم موجهة ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية.

أبرز الشخصيات التي اتهمت من قبل الجيش السيد عبدالله حمدوك رئيس الوزراء السابق .

مراقبون فسروا هذه الخطوة من قبل الجيش على أنها توجه واضح للسيطرة وربما لابتلاع السلطة من قبل الجيش وحرق كل الجسور التى يمكن أن توصل القوى المدنية للسلطة أو المشاركة فيها، وهناك من رأى في هذه القصة الجديدة التي يخترعها الجيش عودة حقيقية لرموز النظام السابق نظام البشير الذي تخلص منه السودانيون بثورة العام ٢٠١٩ .

سياسة الابتلاع يعتقد بأنها ستقود البلاد لمزيد من التعقيدات.