حُبور وسُرور.. إجلال العلماء وتوقير الأئمة؛ إرْثّ تليدّ أبًا عن جد

الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس

إمام وخطيب الحرم المكي الشريف، ورئيس الشؤون الدينية في المسجد الحرام والمسجد النبوي.

نحمد الله -تعالى- على توالي آلائه وترادف نعمائه، ونشكره على ما نعيشه مِن أمن وأمان، وتلاحم ووئام، ونصلي ونسلم على سيد المرسلين وخاتم النبيين، نبينا محمد -عليه أفضل صلاة وأتم تسليم-، وعلى آله وصحبه أجمعين.

كما نحمد الله الذي أتم علينا شهر رمضان المبارك، ونسأله أن يتقبل منا الصيام والقيام، وصالح الأعمال، وأن يعيد علينا هذه المناسبة وعلى الأمة الإسلامية وبلادنا المباركة ترفل في الخيرات والمسرات. ‏

ونهنئكم جميعًا بما نعيشه في هذه الأيام من محبة وسعادة وسرور وحبور بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك السعيد، ونرفع بهذه المناسبة السعيدة باسمنا واسم أئمة وخطباء وعلماء الحرمين الشريفين ومنسوبي رئاسة الشؤون الدينية
التهنئة والتبريكات إلى مقام خادم الحرمين الشريفين، الملك: سلمان بن عبد العزيز، وسمو ولي عهده الأمين، الأمير: محمد بن سلمان بن عبد العزيز -حفظهما الله- .

لقد أنعم الله علينا في بلادنا المملكة العربية السعودية بنعم كثيرة؛ من اجتماع الكلمة، ووحدة الصف، وشرف خدمة الحرمين الشريفين، وقاصديهما من معتمرين وزوار،.ونحن نلتقي اليوم في حفل المعايدة بعيد الفطر السعيد ؛ مع اصحاب المعالي والفضيلة والعلماء ومنسوبي رئاسة الشؤون الدينية للمسجد الحرام والمسجد النبوي مع شركاء النجاح ؛بعد نجاح خطة الرئاسة في اكبر موسم ديني ؛ بعد استحداثها ؛نؤكد أننا انطلقنا في موسم شهر رمضان المبارك من خلال المنطلقات الدينية لخدمة رسالة الحرمين الوسطية وقاصديهما ؛ وعلى جملة مرتكزات؛ لنبلغ من خلالها تأدية المهام الدينية، وبلوغ ذروة النجاح في خطة شهر رمضان المبارك، ومن هذه المرتكزات: إثراء تجربة القاصدين والزائرين للحرمين، وتهيئة الأجواء التعبدية الإيمانية لهم، وإيصال رسالة الحرمين الدينية للعالم، وتعزيز التكامل والتناغم مع شركاء النجاح وكافة القطاعات الحكومية، وتعظيم الخطاب الديني الوسطي عالميًا، وترسيخ مكانة المملكة الريادية في خدمة الإسلام، واستثمار مكانة أئمة الحرمين كقوة وسطية عالمية، وجعل الحرمين الشريفين مُنبثَق تصحيح صورة الإسلام، وإيضاح أصالته وسماحته ووسطية منهجه واعتداله، وتعزيز سلامة الفكر الديني، ومواجهة الانحرافات الفكرية مع تنمية الوعي الثقافي، وإبراز مهام الرئاسة الدينية، وفق قرار مجلس الوزراء الموقر، في المسارات الدينية التالية: الأئمة والمؤذنين، والحلقات والدروس العلمية، والإرشادية والتوجيهية، وحلقات تحفيظ القرآن الكريم، وتعظيم مكانة المملكة العربية السعودية وصورتها في وجدان المسلمين، مع التأكيد على ريادة المملكة في العمل الإسلامي والإنساني، وتكريس قيم التسامح والاعتدال، وإبراز رسالة الحرمين الدينية، واستثمار مكانتهما في نفوس المسلمين، وبث تعاليم الشريعة السمحة المتسمة بالوسطية والاعتدال، إضافة على إبراز جهود القيادة الرشيدة -حفظها الله- في خدمــة الحرمين وقاصديهمــا في شهر رمضان المبارك، وتسليط الضــوء علــى رؤيــة 2030 المباركة، ودورها في خدمة رسالة الحرمين الدينية.
لقد سعدنا في رئاسة الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي غاية السعادة ؛ باستقبال واحتفاء صاحب السمو الملكي الأمير: محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-؛ بأصحاب الفضيلة أئمة المسجد الحرام بعد صلاة عيد الفطر السعيد، في صورة تجسِّد معاني التواد والتراحم والتلاحم والتوقير ، وهو أمر غير مستغرب من سموه -حفظه الله-، ويعكس مدى احترام وتوقير ولاة أمر هذه البلاد المباركة لأصحاب الفضيلة؛ أئمة الحرمين الشريفين والعلماء؛ إذ هو ديدن القيادة الرشيدة -حفظها الله- منذ التأسيس على يد الملك الصالح: عبدالعزيز بن عبدالرحمن -رحمه الله-، وسار عليه أبناؤه البررة من بعده، حتى العهد الزاهر؛ عهد خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين -أيدهما الله-، فلقد وجد أئمة الحرمين الشريفين بخاصة، والعلماء عامة؛ كل إجلال وتقدير.

إن أداء أصحاب الفضيلة؛ أئمة المسجد الحرام والعلماء؛ صلاة عيد الفطر المبارك؛ معية سمو ولي العهد -وفقه الله-، واستقباله لهم عقب صلاة العيد للمعايدة وحفاوته بهم؛ يرسِّخ منهج التقدير والاعتزاز بدور أصحاب الفضيلة الأئمة في إيصال رسالة الحرمين الشريفين، كما يبرهن على مكانتهم السامقة عند ولاة الأمر -أعزهم الله-، وعمق التلاحم والولاء والمحبة والوفاء بين العلماء والقيادة الرشيدة، وأن حرص سموه الكريم هذا؛ إرث تليد حمله سموه أبًا عن جد، ويجسِّد الاهتمام بالعلم والعلماء، والإيمان بالدور الذي يؤديه أئمة الحرمين الشريفين؛ في إرساء منهج الوسطية والاعتدال، ونشر الإسلام الصحيح؛ من مهد الوحي ومأرز الإيمان.

إن هذا الإجلال والحرص من القيادة الرشيدة لأئمة الحرمين الشريفين؛ يدفعنا في رئاسة الشؤون الدينية بذل مزيد من الجهد والتضحية؛ في سبيل تحقيق المأمول من هذا الجهاز الديني التخصصي ؛ في تكريس وسطية الإسلام وقيمه ومبادئه عالميًا، من قلب الحرمين الشريفين، فضلًا عن خدمة قاصديهما وإثرائهم دينيًا.

إن رئاسة الشؤون الدينية نجحت باقتدار بفضل الله في تعزيز مكانة أصحاب الفضيلة؛ أئمة الحرمين الشريفين، ومؤذنيهما، واستثمارها كقوة دينية في إيصال رسالة الحرمين الدينية عالميًا، وجعل الحرمين مُنبثَق تصحيح صورة الإسلام، وإيضاح أصالته وسماحته، ووسطية منهجه واعتداله، وتعزيز سلامة الفكر الديني، ومواجهة الانحرافات، وتنمية الوعي الشرعي.

لقد شرعنا -بفضل الله- في رئاسة الشؤون الدينية فور انتهاء موسم رمضان المبارك في إعداد دراسة لتقييم أداء المنظومة الدينية؛ لتعظيم مكامن القوة واستثمارها، وتحويل التحديات إلى فرص إيجابية وفق حوكمة وقياس رضا القاصدين، ‏‎وفق تميز ديني وجودة وإتقان، وأجدها فرصة لأقدم الشكر والتقدير والعرفان لكل من أسهم في إنجاح خطة موسم رمضان ١٤٤٥هـ، ولا سيما رجال الأمن وشركاء النجاح من الجهات المعنية؛ الذين بذلوا جهودًا كبيرة، فنسأل الله -تعالى- ألا يحرم الجميع أجره وثوابه. وأشيد بالنجاح الكبير الذي تحقق منذ بداية الموسم حتى نهايته بتكاتف جميع الأجهزة الحكومية -بعد فضل الله- وما بذلته من تفان وإخلاص.

إن ما تحقق من نجاح في رئاسة الشؤون الدينية يعود بعد توفيق الله إلى الجهود المتميزة من منسوبي رئاسة الشؤون الدينية، والخطط المرسومة وفق دراسة مستفيضة، والتي تمحورت في تهيئة الأجواء التعبدية الخاشعة للمصلين والمعتمرين، وإثراء تجربة الأعداد المليونية من القاصدين والزائرين للحرمين، وتعضيد الأدوار التكاملية مع هيئة العناية بالحرمين، والتناغم مع كافة الجهات الحكومية وشركاء النجاح.

وفي الختام: إنه لا يخفى على منصف بصير أن خدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما، وإثراء تجربة الزائرين والقاصدين، وتعميق الأثر الديني الإيجابي المعتدل، وإيصال رسالة الإسلام الوسطية للعالم؛ شرف ومسؤولية حملها ولاة أمر هذه البلاد المباركة، فأدَّوا حقها بكل سخاء دون منَّة؛ ابتغاء وجه الله -تعالى-؛ فأسأله -سبحانه- أن يجعل هذا البلد شامخًا منعَّمًا بالأمن والأمان، وأن يوفق قيادتنا لما فيه الخير والصلاح للبلاد والعباد والإسلام والمسلمين، وأن يحفظ هذه البلاد ويديم عليها نعمة خدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما، كما أجدها فرصة لتهنئتهم بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك، سائلًا الله العلي القدير أن يتقبل منهم الصيام والقيام، وأن يجعله عيدًا مباركًا، وأن يعيد هذه المناسبة على بلادنا وبلاد المسلمين، وهم يرفلون في أمن وأمان، ورخاء وازدهار؛ إنه
سميع مجيب.
#بقلم معالي رئيس الشؤون الدينية للمسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس