الدكتورة تمارا حداد – الأكاديمية والباحثة السياسية الفلسطينية
بعد سقوط نظام الأسد، بات اليوم الوجهة الأهم في سوريا هي ترتيب البيت الداخلي السوري، حفاظا على الوحدة الترابية السورية، وعدم إعادة الفوضى الداخلية في سوريا.
ولا يعني سقوط نظام الأسد، سقوط مؤسسات الدولة، بل إيجاد نظام جديد أكثر شمولية، يشمل جميع الأطياف السياسية، من (كرد دروز شيعة سنة علويين)، ويجب الاستفادة من تجربة حكم “الأسد” بأكثر من منحى، ووجود حكومة مستقبلية عليها أن تفكر بالمواطن السوري، من النواحي المعيشية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والبيئية.
ثانيا، الاهتمام بترتيب البيت الداخلي السوري واحترام الرأي والرأي الآخر، بمعنى تقبل الطائفية والعرق والدين، وألا يكون التمييز العرقي أو الديني هو أساس أي تشكيلة حكومية مستقبلية، بل تشكيل حكومة انتقالية، ضمن الهوية السورية لمدة 6 أشهر، حتى تجرى الانتخابات ويختار الشعب السوري قائدهم، وفق رؤيتهم، بعيدا عن الأيديولوجيا والطوائف.
ويجب أن يكون الشاغل الأول رفعة المواطن السوري والاهتمام بالمستقبل السياسي المرن، واحترام الخلاف السياسي، دون استخدام أي أسلوب قمعي، وضمان احترام وتعدد الحريا.
ثالثا، على الداخل السوري، سواءً أكانوا أكرادا أو دروزا أو سنة، وغيرهم، تقديم مبادرة داخلية سورية، تعبر عن أهمية الجلوس على طاولة المفاوضات، وإيجاد حل سياسي داخلي.
إضافة إلى أن سوريا اليوم أمام اختبار عميق، إما ترتيب البيت السوري، وإما تقسيم سوريا لأربعة أقسام؛ سني، درزي، شيعي، كردي علوي، أو النهوض بتجربتها من خلال الاستفادة من تجارب الآخرين، حيث إزاحة فرد لا يعني سقوط الدولة، بل اختيار آخرين من خلال انتخابات حرة نزيهة وشفافة، بعيدا عن إقصاء الآخرين.
والأهم من ذلك، عدم عسكرة التغيرات الجديدة السورية، ومحاولة أي حكومة مستقبلية عليها سحب السلاح غير الشرعي من يد المدنيين، وجعله فقط مع المؤسسة الأمنية والعسكرية الشرعية، حتى لا تكون لغة العسكرة هي السائدة في المستقبل، لذا اليوم على الشعب السوري إعادة ترتيب بيته من خلال إرادة سياسية، وإيجاد توافق شامل بين الجميع.
يجب على الدول العربية المجاورة، تحديدا دول الجوار، مساعدة سوريا نحو ترتيب البيت السوري، بإيجاد مخرج حكومة متوافق عليها من جميع الكل السوري، لإنهاء أسس الصراع، وعدم تحويل سوريا ساحة صراع، كما حدث في السابق، وعدم تدخل سوريا بغيرها من الدول، بل الاهتمام فقط بالمواطن السوري وتعزيز مقومات الحياة في جميع مناحي سوريا.