الدكتور عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب – أستاذ الجغرافيا السياسية والاقتصادية بجامعة أم القرى سابقا
تستمر تبعات الحادث الإرهابي في كروكوس بموسكو، قبل أيام، مخلّفاً أكثر من 140 قتيلاً وعشرات الجرحى، وسط سيْل من الاتهامات الروسية لأوكرانيا بالضلوع في الحادث، بينما جدّدت الولايات المتحدة رفضها اتهام روسيا لأوكرانيا بالضلوع في الهجوم على قاعة حفلات “كروكوس سيتي” قرب موسكو، ووصفت الأمر بأنه “هراء”، قائلة إنه مِن الواضح أن تنظيم داعش “المسؤول الوحيد”.
بدايةً، الحادث يُشكّل فصلاً آخر من التوترات الروسية الغربية عامة، وبين موسكو وواشنطن على وجه الخصوص، لا سيما أن روسيا ساندت الولايات المتحدة في حربها ضد الإرهاب بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، وأيضاً دعمت أمريكا روسيا في حربها ضد انفصاليي الشيشان، وتم إنشاء مجلس “ناتو روسيا”، وكانت روسيا في منتهى التسامح مع السياسات الأمريكية.
وتتوالى الأيام، ويتّخذ الغرب سياسات بمحاصرة روسيا وتطويقها عبر توسيع حلف “الناتو” شرقاً ليضم معظم ما كان يسمّى بأوروبا الشرقية، وإصرار الولايات المتحدة على بناء ما يُعرف بالدرع الصاروخي في كلٍّ من بولندا والتشيك، ما وتّر العلاقات نهاية بالحرب الروسية الأوكرانية، في ظل دعم غربي واسع لا ينقطع لكييف ضد الجيش الروسي.
وعودة إلى حادث موسكو، تلقى فرضية وقوف تنظيم داعش الذي أعلن مسؤوليته عن الهجوم، اعتراضات واسعة في موسكو، وأن الغرب يعمل على ترويج هذه الفرضية، ويريد الرئيس فلاديمير بوتين معرفة مَن وراء هؤلاء الإرهابيين، واعتبر أوكرانيا الوحيدة المستفيدة من هذا الهجوم.
على الجانب الآخر، ما زالت واشنطن تتستّر على كييف من خلال تصريحات أطلقتها الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاؤوفا، التي رأت واشنطن تختلق الأعذار لكييف وإلصاق تهمة بداعش، ما يعني تورّط السلطات الأمريكية بشكل مباشر وغير مباشر في رعاية الإرهاب الأوكراني، كما أكّدت أن التدخّل الأمريكي في شؤون منطقة الشرق الأوسط أدّى إلى ظهور وتعزيز كثير من الجماعات المتطرّفة والإرهابية التي تضرّ بأمن العالم أجمع.