مع انقضاء شهر رمضان المبارك، تتجلى فرحة عيد الفطر في عسير بمظاهرها وعاداتها الأصيلة، حيث تنتشر البهجة في كل زاوية من زواياها باحتفالات فريدة تمزج بين الحداثة والتمسك بالتراث.
استعدادات العيد
مع اقتراب عيد الفطر، تنهمك العائلات في عسير بإعداد منازلهم وصنع الأطباق الشعبية مثل العريكة والمسقعة والمرقوق والمفطح. يتخلل الأجواء شراء الأزياء الجديدة التي تعكس الاعتزاز بالتراث العسيري، ويفوح شذى البخور والعود في كل مكان، وتتلألأ الشوارع بالزينة والإضاءة البراقة في تقليد يعبر عن الاستعداد والفرح بقدوم العيد.
ويترقب الأهالي بشوق لحظة إعلان قدوم العيد، التي تُميزها شعلات النار على قمم الجبال المحيطة بالقرى، يليها توجه الأهالي في الصباح الباكر إلى المصليات لأداء صلاة العيد، وهي لحظة تشهد التلاقي والتآخي بين سكان المنطقة.
قبل صلاة العيد، يحرص الأهالي على توزيع زكاة الفطر على المحتاجين، ومع انقضاء صلاة العيد، يتقاسم الجميع التبريكات والمعايدات في جو يغمره الود والوئام لتتوالى بعدها جولات التهاني، حيث يزور الأهل والأصدقاء بعضهم بعضًا، ويمضون أوقاتًا دافئة يتلذذون خلالها بالقهوة العربية والتمر، ويتناولون أطباق الإفطار التقليدية كمشارع البر الممزوج بالسمن والعسل والمشغوثة.
وعلى الرغم من اندثار بعض العادات التي كانت تشتهر بها الأعياد في منطقة عسير بفعل المعطيات الحديثة، إلا أن بهجة العيد ما زالت حاضرة في كل منزل، فبعد أن كان أهل القرى يحرصون على التنقل مشيا بين بيوت القرية الواحدة على شكل جماعات متتالية للمعايدة، استُبدلت في السنوات الأخيرة بالتجمعات العامة المسائية في المتنزهات والاستراحات أو بعض الأماكن العامة وسط القرية .
الاحتفالات في عسير
تتخذ الاحتفالات بعيد الفطر في عسير طابعًا يجمع بين الحداثة والتقاليد؛ حيث يتم تزيين الشوارع والمنازل بالأعلام والأنوار الزاهية، كما يحرص الأهالي على ارتداء الزي التقليدي كالجنابي والثوب العسيري، ويتجمهرون في الساحات العامة لأداء صلاة العيد.
ولا يخلو عيد الفطر في عسير من الأكلات التي تعبر عن الموروث الثقافي والحضاري لمنطقة عسير تتوارثها الأجيال جيل بعد جيل، حيث تشتهر عسير بمأكولات العيد المميزة كالمرقوق والمفطح والجريش والقرص والكليجا، بالإضافة إلى الثريد أو المشربية والعصيدة والحنيذ
كذلك لا يخلو العيد من الفعاليات الترفيهية والألعاب الشعبية كالمزمار والدحة، والتي تشارك فيها جميع الأعمار احتفالاً بالعيد. تتخلل الاحتفالات أيضًا عروض الفنون الشعبية والأهازيج التي تعبر عن فرحة العيد وتراث المنطقة.
كما يتم إحياء حفلات للاهازيج والرقصات والألوان الشعبية التي تشتهر بها منطقة عسير في المناسبات مثل القزوعي ولون الدوارة والدمة والخطوة ولون الزامل بالاضافة الى لون العرضة الجنوبية.
ومنذ مئات السنين حافظ أهالي منطقة عسير على إبراز مظاهر الاحتفاء بالأعياد من خلال تبادل الهدايا التقليدية المكونة من باقات النباتات العطرية التي تشتهر بها المنطقة مثل الريحان والشيح والسداب والبعيثران والبرك، إضافة إلى أنواع البخور الفاخر.
يُعتبر عيد الفطر في عسير مناسبة فريدة تعكس تنوع وثراء العادات الاجتماعية والتراثية بالمنطقة، إنها فترة مثالية لتجديد الروابط الأسرية والاجتماعية، وللاستمتاع بالأنشطة الثقافية التي تبرز جمال وأصالة عسير. تتواصل الاحتفالات على مدى أيام العيد، مما يجعلها من أكثر الأوقات بهجة وحيوية في المحافظة.